نهى الله تعالى في هذه الآيات عن ثلاثة أشياء : وهي القتل إلا بالحق ، والزنا ، وقربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ، وابتدأ الله تعالى بالنهي عن قتل الأولاد ، وهو وأد البنات في قوله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨)) [التكوير : ٨١ / ٨] يقال : كان جهل بعض العرب يبلغ أن يعز واحد منهم كلبه ويقتل ولده. نهى القرآن عن الوأد الذي كانت العرب تفعله ، خشية الإملاق (أي الفقر وعدم المال) فإن رازق الأولاد وآباءهم هو الله تعالى ، وقتلهم إثم عظيم وذنب كبير ، وهذا دليل على أن تعالى أرحم بعباده من الوالد بولده ، لأنه نهى عن قتل الأولاد.
جاء في الصحيحين من حديث ابن مسعود : «قلت : يا رسول الله ، أي الذنب أعظم؟ قال : أن تجعل لله ندّا ، وهو خلقك ، قلت : ثم أي؟ قال : أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ، قلت : ثم أي؟ قال : أن تزاني حليلة جارك».
ثم حرم الله الزنا (١) وحذّر من الاقتراب منه ومن تعاطي أسبابه ودواعيه ، لأن تعاطي الأسباب مؤد إليه ، والزنا فعلة فاحشة شديدة القبح ، وذنب عظيم كقتل الأولاد ، وساء طريقا ومسلكا ، لأن فيه هتك الأعراض ، واختلاط الأنساب ، واقتحام الحرمات ، والاعتداء على حقوق الآخرين ، وتفويض دعائم المجتمع بهدم الأسرة ، ونشر الفوضى ، وانتشار الأمراض الفتاكة ، والوقوع في الفقر والذل والهوان.
ثم حرم الله تعالى قتل النفس المعصومة المصونة إلا إذا وجد حق أو مسوغ للقتل ، وهو أي الحق ما فسّره النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : «لا يحلّ دم المسلم إلا إحدى ثلاث خصال : كفر بعد إيمان ، أو زنى بعد إحصان ، أو قتل نفس أخرى». فالقتل بغير حق جريمة عظمي ، لأنه اعتداء على حق الحياة ، وإفساد ، والله تعالى لا يحب الفساد.
__________________
(١) قال ابن عطية : الزنى يمدّ ويقصر ، والقصر لغة جميع كتاب الله تعالى.