ثم قال الله تعالى مضيفا نعمة أخرى : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) (١) وهذه من أجلّ نعم الله تعالى ، أي على الله تقويم طريق الهدى وتبيينه ، بإقامة الأدلة ، وبعث الرسل ، وذلك تفضّل وتكرم من الله ببيان الطريق الواضحة الموصلة إلى الحق والخير ، ومن الطرق المخلوقة للعبرة والامتحان طرق جائرة حائدة عن الاستقامة ، مؤدية إلى الضلالة ، وعلى العاقل أن يكون حذرا منها ، غير متورط بها.
ولو شاء الله لهدى الناس جميعا إلى ما يحبه ويرضاه ، أي لو شاء لخلق الهداية في قلوب جميع الناس ، ولم يضل أحد. ولكن الله سبحانه لم يفعل ذلك لترك الحرية للبشر ، يختارون الطريق التي يرونها ، فيكون الحساب على هذا الاختيار والعمل بموجبه.
براهين أخرى على قدرة الله تعالى
لم يكتف القرآن الكريم بإيراد بعض الأدلة على قدرة الله تعالى ، وإنما من أجل تقرير العقيدة وتمكينها في القلب ، أورد الله سبحانه أدلة وبراهين أخرى كثيرة على قدرته الخارقة ، لإثبات ألوهيته وربوبيته ووحدانيته ، كيلا يبقى عذر لأحد في إنكار وجود الله ، وسلطته الشاملة ، وتفرده بإمداد النعم ، والأفضال على بني الإنسان. وهذه الآيات : آيات كونية فيها تعداد نعمة الله في المطر والزرع والنبات والثمار ، وتبيان منافع الليل والنهار والكواكب والنجوم ، وخلق أشياء كثيرة في الأرض اليابسة وفي البحار والمحيطات المائية ، وتسخير السفن التي تجري فيها ، وإلقاء ثوابت الجبال في الأرض وتفجير الأنهار فيها ، وفتح الطرق في أنحائها وإقامة الأمارات والعلامات والنجوم على السير ليلا في آفاقها ، قال الله تعالى :
__________________
(١) السبيل : تذكر وتؤنث.