وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون في سفر الجهاد ، وما يتطلبه في الماضي والحاضر من وسائط النقل ، لحمل الأثاث والركوب ، فهؤلاء في هذه الحال لا إثم ولا ذنب عليهم ، وهم قوم محمودون غير مذمومين ، بسبب ظهور إخلاصهم ، واعتذارهم بما هو حق وعذر مقبول.
حكم المتخلفين عن الجهاد بغير عذر
من الطبيعي أن يؤاخذ الله المتخلفين عن الجهاد بغير عذر ، وأن ينذر بالعذاب والعقاب أولئك المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ، ثم يحاولون الاعتذار للمؤمنين بالأعذار الكاذبة ، والأساليب الملتوية ، والأيمان الملفقة ، قاصدين بذلك إرضاء المؤمنين ، وهم غافلون تمام الغفلة عن إرضاء الله رب العالمين ، وهذا بيان القرآن الكريم في شأن الفريقين ، قال الله تعالى :
(إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٩٣) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٤) سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٩٦)) (١) [التوبة : ٩ / ٩٣ ـ ٩٦].
أبان الله تعالى في آية سابقة أنه لا مؤاخذة على المؤمنين المحسنين وهم ذوو الأعذار
__________________
(١) قذر وخبث.