وفضله وتوفيقه في الدنيا ، ومن الثواب في الآخرة ، إن المنافقين هم الفاسقون ، أي الخارجون عن طريق الحق والاستقامة ، الوالغون الداخلون في طريق الضلالة ، المتمردون في الكفر ، المنسلخون عن كل خير.
ثم أكد الله تعالى وعيده السابق للمنافقين بمجازاتهم وضمهم إلى الكفار ، فأوعدهم نار جهنم يدخلونها ، ماكثين فيها أبدا ، وخالدين مع الكفار الأصليين ، هي حسبهم ، أي كفايتهم في العذاب ، ولعنهم الله ، أي طردهم وأبعدهم من رحمته ، ولهم عذاب دائم مستمر غير عذاب جهنم والخلود فيها.
وأوضح الله تعالى بعدئذ وجود الشبه بين المنافقين والكفار السابقين ، فهم مثلهم مغرورون بالدنيا ، لكنّ السابقين كانوا أشد من المنافقين قوة ، وأكثر أموالا وأولادا ، وتمتع الفريقان بملاذ الدنيا ، وخاضوا في مشاغلها ولذائذها وحظوظها الزائلة ، وشغلوا عن التمتع بكلام الله وهدي أنبيائه ، ولم ينظروا في عواقب الأمور ، ولم يعملوا على طلب الفلاح في الآخرة ، والفرق بين الفريقين أن دواعي الخير توافرت لدى المنافقين ، ولكن كانت دواعي الشر عند الكفار السابقين ، فكان المنافقون أسوأ حالا من الكفرة السابقين ، وأولئك الكفار حبطت وبطلت أعمالهم في الدنيا والآخرة. وكانوا هم الخاسرين ، فيكون المنافقون مثلهم.
ثم وعظ الله المنافقين المكذبين الرسل وأنذرهم بقوله : (أَلَمْ يَأْتِهِمْ ..) أي ألم تخبروا خبر من كان قبلكم من الأمم المكذبة للرسل وهم قوم نوح الذين أغرقوا بالطوفان وعاد قوم هود الذين أهلكوا بالريح العقيم ، وثمود قوم صالح الذين أخذتهم الصيحة وقوم إبراهيم الذين سلبهم الله النعمة وقتل ملكهم النمرود بالبعوضة ، والمؤتفكات أصحاب قرى قوم لوط في مدائن الذين أهلكهم الله بالخسف والزلزلة ،