عليهم على سبيل التهديد والوعيد بقوله : (قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ) أي استهزءوا بآيات الله كما يحلو لكم وكما تريدون فإن الله مظهر ما كنتم تحذرونه من إظهار نفاقكم. قال الطبري : كان المنافقون إذا عابوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذكروا شيئا من أمره قالوا : «لعل الله لا يفشي سرنا» فنزلت الآية في ذلك. وهذا مثل قوله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ (٢٩) وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (٣٠)) [محمد : ٤٧ / ٢٩ ـ ٣٠].
ثم أقسم الله تعالى بأنه إن سألتهم أيها الرسول عن أقوالهم هذه وهزئهم بالقرآن أو بالنبي محمد ، لاعتذروا عنها بأنهم لم يكونوا جادّين فيها ، بل هازلين لاعبين خائضين في اللغو بقصد التسلي واللهو ، فوبخهم الله وأنكر عليهم بقوله : (أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ) أي إن المجال ليس مجال استهزاء ، فإن الاستهزاء بالله وآياته ورسول كفر محض وشر مستطير.
فردّ الله عليهم : قل لهم يا محمد ليس قولكم عذرا مقبولا ، وقل لهم على جهة التوبيخ ، لا تعتذروا أبدا بهذا وغيره ، ولا تفعلوا ما لا ينفع ، للتخلص من هذا الجرم العظيم ، فإنكم قد كفرتم وظهر كفركم ، كما أظهرتم إيمانكم ، وتبين أمركم للناس قاطبة.
فإن نعف عن بعضكم أو طائفة منكم لتوبتهم الخالصة ، وهو رجل واحد اسمه مخشّ بن حميّر ، نعذب طائفة ، أي جماعة أخرى لبقائهم على النفاق ، وارتكابهم الآثام ، وإجرامهم في حق أنفسهم وغيرهم ، فتعذيبكم بسبب إجرامكم.
إن هذه الآيات الكريمة تدل دلالة واضحة على أن الهزل في الدين وأحكامه ،