وهناك صفة عامة عند هؤلاء القادة وعند غيرهم من المسلمين : وهي البخل الشديد ومنع أداء حقوق الله في أموالهم ، فيكنزون في بيوتهم الذهب والفضة ، أي يجمعون المال ويدخرونه ، ولا يؤدون منه الحقوق الواجبة شرعا كالزكاة ، ولا ينفقون منه في سبيل الله ، فيستحقون العذاب الشديد المؤلم في نار جهنم ، وعبر عن الوعيد بهذا العذاب بلفظ البشارة على سبيل التهكم والتهديد.
ومن المقرر شرعا : أن الكنز : هو المال الذي لا تؤدى زكاته ، وإن كان ظاهرا غير مخفي ، وأما المال المدفون إذا أخرجت زكاته فليس بكنز ، لما أخرجه ابن عدي والخطيب عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أيّ مال أدّيت زكاته ، فليس بكنز».
ويوضح ذلك الآية الكريمة : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) [التوبة : ٩ / ١٠٣] فإن الذم في منع الزكاة فقط ، لا في مجرد حبس المال وادخاره. ثم هدد الله تعالى الكانزين وأخبرهم بنوع العذاب الذي يتعرضون له في الآخرة ، وهو أنه يحمى على ما جمعوه من الأموال المكنوزة غير المزكاة في النار ، أي توضع فيها ويوقد عليها حتى تحمى ، ثم يحرق بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ، أي جميع أجسادهم ويقال لهم من قبل الملائكة : هذا جزاء ما كنزتم ، فذوقوا وبال ما كنزتم لأنفسكم ، أي إن ما توهمتم فيه نفعا أصبح ضررا محضا ، ووبالا شديدا عليكم.
روى مسلم في صحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل له يوم القيامة صفائح من نار ، فيكوى بها جنبه وجبهته وظهره ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد ، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة ، وإما إلى النار».
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أيضا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من آتاه