أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم سلّام بن مشكم ، ونعمان بن أبي أوفى ، وشاس بن قيس ، ومالك بن الصيف ، فقالوا : كيف نتّبعك وقد تركت قبلتنا؟ وأنت لا تزعم أن عزيرا : ابن الله ، فأنزل الله في ذلك : (وَقالَتِ الْيَهُودُ) الآية. وقال النقّاش : لم يبق يهودي يقولها بل انقرضوا.
كان بعض اليهود يقول : عزير : ابن الله ، لأنه يعدّ ناشر اليهودية ، بعد أن نسيت ، فقدسه اليهود ووصفوه بأنه : ابن الله. وقالت النصارى : المسيح : ابن الله ، واتفقوا على أن الموحد ليس نصرانيا ، وليس لقولهم أي دليل ولا برهان غير ما قرره أحبارهم ، يشبهون بهذا الاعتقاد قول الذين كفروا من قبلهم من الأمم ، ضلّوا كما ضل هؤلاء ، وهم الوثنيون البراهمة والبوذيون في الهند والصين واليابان ، وقدماء الفرس والمصريين واليونان والرومان ، كما أن مشركي العرب كانوا يقولون : الملائكة بنات الله.
لعنهم الله ، كيف يصرفون عن الحق ، وهو توحيد الله وتنزيهه إلى غيره ، وهو الشرك الباطل ، فما المسيح وعزير إلا مخلوقان عبدان لله ، ولا يعقل أن يكون المخلوق خالقا ، وهو كسائر المخلوقات يأكل ويشرب ويتعب ويألم ، وقدراته محدودة ، وكيف يصرفون عن الحق إلى غيره مع قيام الدليل؟
ووجه مضاهاة من كفروا قبلهم أنهم اتخذوا رؤساء الدين فيهم أربابا من دون الله ، يقومون بحق التشريع ، فيحلّون الحرام ، ويحرمون الحلال ، ويطيعونهم في ذلك ، تاركين حكم الله تعالى. واتباعهم في التحليل والتحريم : عبادة لهم وتعظيم.
والحال أنهم ما أمروا إلا أن يعبدوا إلها واحدا على لسان موسى وعيسى ، وهو الله الذي شرع لهم أحكام الدين ، وهو ربهم ورب كل شيء فهو الذي إذا حرّم الشيء فهو الحرام ، وما حلّله فهو الحلال ، وما شرعه اتّبع ، وما حكم به نفذ. إنه الله تعالى الإله