يقاتلون لإعلاء كلمة الله ، من إصلاح العقيدة ، والتطهر من الوثنية ، والتحلي بالأخلاق الفاضلة ، وإظهار العبودية لله عزوجل بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثم خفف الله عن المؤمنين ، فأمر الواحد منهم أن يثبت أمام اثنين من الأعداء ، والمعنى : الآن خفف الله عنكم لمرتبة أقل من المرتبة الشديدة الأولى ، فإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله وقوته ومشيئته ، والله دائما مع الصابرين بالمعونة والتأييد والرعاية.
وسبب النزول ما رواه البخاري وابن إسحاق عن ابن عباس قال : لما نزلت : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) شقّ ذلك على المسلمين حين فرض عليهم ألا يفرّ الواحد من عشرة ، فجاء التخفيف فقال : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ ..) الآية. قال : فلما خفف الله عنهم من العدّة ، نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم.
أحكام الأسرى
تحتاج كل دولة في بدء تكوينها إلى بعض الأحكام الانتقالية الصارمة ، لتثبيت وجودها ومنعتها وإظهار هيبتها وقوتها ، فيرهبها العدو ، ولا يطمع بها الصديق ، ويخضع لها أتباعها في الداخل دون تباطؤ أو محاولة التهرب من سلطانها أو تنفيذ أوامرها ، وهذا ما احتاجه المسلمون في مرحلة من مراحل الدعوة الإسلامية ، وإشادة الدولة في المدينة المنورة ، وذلك بالنسبة لمعاملة أسرى العدو ، بعد أول معركة حاسمة ، سميت يوم الفرقان وهو يوم بدر الكبرى ، قال لله تعالى مبينا هذه المعاملة :
(ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا (١) (٢)
__________________
(١) الإثخان : الإكثار في القتل والمبالغة فيه.
(٢) حطامها بأخذ الفداء.