وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤)) [الرّعد : ١٣ / ٤].
وإحياء الأرض بعد موتها بالنباتات يحدث بقدرة الله الخالق ، فكذلك إعادة الحياة إلى الأجساد يكون بقدرة الله أيضا : (كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي مثل هذا الإخراج لأنواع النبات من الأرض الميتة الجدبة بالماء ، نخرج الموتى ونبعثهم ، فالله على كل شيء قدير ، يخرج الحيّ من الميت ، ويخرج الميت من الحيّ ، وقد بيّنا هذا الشّبه لكم أيها العباد لتتذكروا وتتّعظوا ، فتؤمنوا بالبعث أو اليوم الآخر.
ولكن استعداد الناس للإيمان بالبعث مختلف باختلاف الطبائع والنفوس ؛ كالأرض تماما ، منها الطّيب المنبت ، ومنها السّبخة أو الملحة غير الصالحة للنبات. والأرض الطيبة التربة يخرج نباتها سريعا حسنا ، والأرض الخبيثة التربة كالسبخة ونحوها ، لا يخرج نباتها القليل إلا بعسر وصعوبة.
وهكذا الناس مثل الأرض ، منهم المستعدّ للإيمان ، القويم الفطرة ، السليم الفهم والإدراك ، فيبادر إلى الإيمان بالبعث ، كالأرض الطيبة المعدن والبلد الطيب الأصل ، ومنهم من ينكر البعث بعد وجود أماراته وتوافر دلائله كالأرض الخبيثة التي لا تنبت بسبب الملوحة أو الأحجار أو الأشواك ونحوها ، وبمثل هذه المقارنة وبيان الأشباه والأمثال ، والتصريف البديع ، يصرف الله الآيات ويردّدها ويبيّنها لقوم يشكرون نعمة الله ، وهم المؤمنون المفكّرون فيها ، المعتبرون بها من غير صعوبة في الفهم أو عسر في الإدراك.