المؤمنين ،
وبواطنهم مع الكافرين ، ويميلون مع الطرف الأقوى ، فإن رأوا الكفار أقوياء مالوا
إليهم وتعاطفوا معهم ، وتواطؤوا معهم ضدّ المؤمنين ، وإن رأوا المؤمنين أقوياء ،
تظاهروا بالانضمام إليهم ، للمنفعة المادية ، والمساهمة في الغنائم الحربية ،
والاستفادة من مظاهر الدنيا وزخارفها.
ومثل هؤلاء ، هل
ينتظرون هداية وتوفيقا من الله تعالى؟ إنهم بانحراف سلوكهم ، وانغماسهم في مستنقع
الضلالة ، لن يتعرضوا لفضل الله ورحمته ، وكانوا أجدر بالضلال ، والخذلان والبعد
عن توفيق الله ، ومن يصرفه الله عن الهداية ، بسبب أعماله وشذوذه وانحرافه ، فلن
تجد له طريقا إلى الخير والسّداد والرشاد.
إن هذه الآيات
تحذير للمؤمنين من الاتّصاف بأخلاق المنافقين ، وجاءت الوصايا النّبوية تؤيّد هذا
التحذير ، قال ابن مسعود ـ فيما رواه الطبراني في الكبير ـ : «لا يكونن أحدكم
إمّعة ، تقول : إنما أنا مع الناس ، إن اهتدوا اهتديت ، وإن ضلّوا ضللت ، ألا
ليوطنن أحدكم نفسه ، ألا إن كفر الناس أن لا يكفر».
التّحذير من موالاة المنافقين
الإيمان عصمة
ومنعة وقوة ، والمؤمنون أجدر الناس بأن يتحصنوا بحصن الاعتزاز بإيمانهم ،
والاعتماد على ربّهم ، والبعد عن ذوبان الشخصية ، والاختلاط بالمنافقين
والانهزاميين ؛ لأن في ذلك تضييعا لوجودهم واهتزازا لكيانهم ، وصهرا لقيمهم
وعقائدهم وأخلاقهم.
وجاءت التحذيرات
القرآنية الكثيرة من موالاة المنافقين والكافرين ومناصرتهم من أجل الحفاظ على
كرامة المؤمنين وتوفير العزّة والقوة لهم ، قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا