لا أؤاخذكم ، فلمّا قرأ (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) ، قال : لا أحمل عليكم ، فلمّا قرأ (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) قال : لا أحملكم ، فلمّا قرأ (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) قال : قد عفوت عنكم ؛ وغفرت لكم ؛ ورحمتكم ؛ ونصرتكم على القوم الكافرين](١).
وكان معاذ بن جبل إذا ختم هذه السورة ، قال : (آمين) (٢).
وعن الحسن والضحاك ومجاهد وجماعة من المفسرين : أنّ قوله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ ...) إلى آخر السورة كان في قصة المعراج ؛ قالوا : لمّا انتهى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى سدرة المنتهى قال له جبريل : إنّي لم أجاوز هذا المكان ، ولم يؤمر أحد بالمجاوزة غيرك ، فامض أنت. قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : [فمضيت حتّى انتهيت إلى ما أراد الله تعالى] فأشار جبريل عليهالسلام أن سلّم على ربك ، فقلت : [التّحيّات لله والصّلوات والطّيّبات] فقال الله عزوجل : السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة الله وبركاته. قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : فأحببت أن يكون لأمّتي حظّ في السّلام ، فقلت : [السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين] فقال جبريل وأهل السّموات كلّهم : أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله. فقال الله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ.) فأراد النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يشرك أمّته في الكرامة والفضيلة ؛ فقال صلىاللهعليهوسلم : (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) الآية ، قال الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) الآية ، فقال جبريل عليهالسلام عند ذلك للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم : سل تعط ، فقال صلىاللهعليهوسلم : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) إلى آخر السّورة. فلمّا رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأوحى الله إليه بهذه الآيات ليعلم أمّته بذلك أو يعلمهم كيف يدعون الله تعالى].
وقد تقدّم فضل السّورة والله الموفّق.
آخر تفسير سورة (البقرة) والحمد لله رب العالمين
__________________
(١) رواه الطبري في جامع البيان : النص (٥١٢٧) بمعناه ، وبلفظه في النص (٥١٣٣).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥١٣٥).