فريضة. وإن قدر على كاتب غيره فهو في سعة إذا قام به غيره) (١). وقال الضحّاك : (هذا «كان» (٢) واجبا ، فنسخه قوله تعالى : (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ)). وقال السديّ : (هو واجب عليه في حال فراغه). وقال الشعبيّ : (هو واجب على الكفاية كالجهاد). والصحيح : أن الكتابة غير واجبة في الأصل على المتداينين ، فإذا لم تكن واجبة عليهم ؛ فكيف تكون واجبة على الأجنبي الذي لا حكم له في هذا العقد ولا سبب؟!
قوله تعالى : (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً) ؛ يعني المديون المطلوب يقرّ على نفسه بلسانه ليعلم ما عليه ويملي على الكاتب. والإملال والإملاء : بمعنى واحد ؛ وهما لغتان فصيحتان جاء بهما القرآن. ثم خوّفه الله تعالى فقال : (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) أي وليخش الله ولا ينقص من الحقّ الذي عليه شيئا.
قوله عزوجل : (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) ؛ أي فإن كان المطلوب الذي عليه المال سفيها أو ضعيفا ؛ أي خفيف العقل جاهلا بالإملاء ؛ لا يميّز تمييزا صحيحا ، قاله مجاهد. وقال السديّ : (يعني عاجزا لا يستطيع أن يملّ لعجمة أو زمانة). وقوله تعالى : (ضَعِيفاً) أي ضعيفا في العقل مثل الصبيّ والمرأة أو شيخا كبير السنّ. وقوله تعالى : (أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ) يعني لمرض أو خرس أو حبس لا يمكّنه حضور الكتاب أو يجهل ما له وعليه. قوله : (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) أي وليّه الذي يقوم بأمره.
وقوله تعالى : (بِالْعَدْلِ) أي بالحقّ. وقال ابن عباس والربيع ومقاتل : (فليملل وليّ الحقّ) وهو صاحب الدّين ؛ لأنه أعلم بدينه يملّ بالعدل والصدق والحق والإنصاف.
__________________
(١) بمعناه أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٠٢٦).
(٢) «كان» ليست في أصل المخطوط.