وعن ابن عباس في هذه الآية : أنّ رجلا قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ أبي مات ولم يحجّ ، أفأحجّ عنه؟ قال : [أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته ، أما كان ذلك يجزي؟] قال : نعم ، قال : [فدين الله أحقّ أن يقضى] ، قال : فهل لي من أجر؟ فأنزل الله عزوجل : (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا)(١). يعني من حجّ عن ميت كان الأجر بينه وبين الميت.
وقال سعيد بن جبير : جاء رجل إلى ابن عبّاس فقال : إنّي أكريت دابّتي واشترطت عليهم أن أحجّ ، فهل يجزيني ذلك؟ قال : (أنت من الّذين قال الله فيهم : (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا)».
قوله تعالى : (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) يعني إذا حاسب فحاسبه سريع لا يحتاج إلى عقد يد ولا إلى وعي صدر ولا رؤية ولا فكر. وقال الحسن : (أسرع من لمح البصر). وفي الخبر : أنّ الله تعالى يحاسب العباد في قدر حلب شاة ؛ وأن محاسبة الله تعالى ليست كمحاسبة الناس بعضهم لبعض ، يحاسبهم جميعا في لحظة واحدة ، يظنّ كلّ واحد أنه
__________________
(١) عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما ؛ قال : كان الفضل بن عبّاس رديف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فقالت : يا رسول الله : إنّ فريضة الله في الحجّ على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الرّاحلة! أفأحجّ عنه؟ قال : [نعم] وذلك في حجّة الوداع. رواه النسائي في السنن : كتاب الحج : باب حج المرأة عن الرجل : ج ٥ ص ١١٩. وبمعناه في صحيح البخاري : كتاب جزاء الصيد : باب الحج عمن لا يستطيع : الحديث (١٨٥٤ و ١٨٥٥).
عن عبد الله بن الزّبير ؛ قال : جاء رجل من خثعم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إنّ أبي شيخ كبير لا يستطيع الرّكوب وأدركته فريضة الله في الحجّ ؛ فهل يجزئ أن أحجّ عنه ؛ قال : [أنت أكبر ولده؟] قال : نعم! قال : [أرأيت لو كان على أبيك دين! أكنت تقضيه؟] قال : نعم. قال : [فحجّ عنه]. رواه الإمام أحمد في المسند : ج ٤ ص ٥. والنسائي في السنن : كتاب الحج : باب تشبيه قضاء الحج بقضاء الدين : ج ٥ ص ١١٧ ـ ١١٨. وإسناده صحيح.
عن ابن عبّاس رضي الله عنهما ؛ أنّ امرأة من جهينة جاءت إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالت : إنّ أمّي نذرت أن تحجّ! فلم تحجّ حتّى ماتت ، أفأحجّ عنها؟ قال : [نعم حجّي عنها ؛ أرأيت لو كان على أمّك دين ؛ أكنت قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحقّ بالوفاء]. رواه البخاري في الصحيح : كتاب جزاء الصيد : باب الحج والنذر عن الميت : الحديث (١٨٥٢).