هذا. فأنزل الله هذه الآية (١).
وقال مقاتل : إنّ اليهود قالت : إنّ جبريل عدوّنا أمر أن يجعل النّبوّة فينا فجعلها في غيرنا. وقال قتادة وعكرمة والسديّ : كان لعمر رضي الله عنه أرض بأعلى المدينة ؛ ممرّها على مدارس اليهود ، وكان عمر إذا أتى أرضه يأتيهم ويسمع منهم ويكلّمهم ، فقالوا : يا عمر ما في أصحاب محمّد أحبّ إلينا منك ؛ إنّهم يمرّون بنا فيؤذوننا وأنت لا تؤذينا وإنّا لنطمع فيك! فقال عمر رضي الله عنه : (ما أحببتكم كحبكم إيّاي ولا أسألكم إنّي شاكّ في ديني ، وإنّما أدخل إليكم لأزداد بصيرة في أمر محمّد صلىاللهعليهوسلم وأرى آثاره في كتابكم). فقالوا : من صاحب محمّد الّذي يأتيه من الملائكة؟ قال : (جبريل) قالوا : ذاك عدوّنا يطلع محمّدا على سرّنا وهو صاحب كلّ عذاب وخسف وشدّة ؛ وإنّ ميكائيل إذا جاء ؛ جاء بالخصب والسّلامة. فقال عمر : (تعرفون جبريل وتنكرون محمّدا صلىاللهعليهوسلم!) قالوا : نعم ، فقال عمر رضي الله عنه : (أنا أشهد أنّ من كان عدوّا لجبريل فهو عدوّ لميكائيل ؛ ومن كان عدوّا لهما فالله عدوّ له). ثمّ رجع عمر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فوجد جبريل قد سبقه بالوحي ؛ فقرأ عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآيات. وقال : [لقد وافقك ربّك يا عمر]. فقال عمر رضي الله عنه : (لقد رأيتني في دين الله بعد ذلك أصلب من الحجر) (٢).
قال الله تعالى تصديقا لعمر : (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) أي قل لهم يا محمّد : من كان عدوّا لجبريل. وإذ هو المنزل للكتاب عليّ ، فإنه إنّما أنزله على قلبي بأمر الله لا من تلقاء نفسه ، وإنّما أنزل ما هو ، (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ ،) من الكتب التي في أيديكم ، لا مكذّبا لها ، وإنه وإن كان فيما أنزل الأمر بالحرب والشدّة على الكافرين ، (وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (٩٧).
وقيل : معناه : على وجه التّرغيم ؛ أي فإنّ جبريل هو الذي نزّل عليك رغما لهم.
__________________
(١) أصله من حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم. أخرجه أحمد في المسند : ج ١ ص ٢٧٨ ، والطبراني في المعجم الكبير : ج ١٢ ص ١٩٠ ـ ١٩١ : الحديث (١٣٠١٢). وفي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ج ٨ ص ٢٤٢ ؛ قال الهيثمي : (رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات).
(٢) أخرج أصوله الطبري في التفسير : النص (١٣٣٠ و ١٣٣١ و ١٣٣٣ و ١٣٣٦ و ١٣٣٧).