اختلف العلماء في تسمية الذين هادوا بهذا الاسم ؛ فقالوا : بعضهم سمّوا بذلك لأنّهم هادوا ؛ أي تابوا من عبادة العجل ، قوله تعالى : إخبارا عنهم : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ)(١) أي تبنا. وقال بعضهم : لأنّهم هادوا ؛ أي مالوا عن الإسلام وعن دين موسى عليهالسلام ؛ يقال : هاد يهود هودا ؛ إذا مال.
واختلفوا أيضا في تسمية النّصارى بذلك ؛ قال مقاتل : (لأنّ أصلهم من قرية يقال لها ناصرة ؛ كان ينزلها عيسى وأمّه ؛ فنسبوا إليها). وقال الزّهريّ : (سمّوا بذلك لأنّ الحواريّين قالوا : نحن أنصار الله).
(والصّابيين) قرأ أهل المدينة بترك الهمزة. وقرأ الباقون بالهمزة وهو الأصل. يقال : صبا يصبوا صبوا ، إذا مال وخرج من دين إلى دين.
واختلفوا في الصابئين من هم؟ فقال عمر : هم طائفة من أهل الكتاب ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب ؛ وبه قال السديّ. وقال ابن عباس : (لا دين لهم ؛ ولا تحلّ ذبائحهم ؛ ولا مناكحة نسائهم). وقال مجاهد : (قبيلة نحو الشّام بين اليهود والمجوس لا دين لهم ؛ وكان لا يراهم من أهل الكتاب). وقال مقاتل وقتادة : (هم يقرّون بالله ؛ ويعبدون الملائكة ؛ ويقرأون الزّبور ؛ ويصلّون إلى الكعبة ، أخذوا من كلّ دين شيئا). وقال الكلبيّ : (هم قوم بين اليهود والنّصارى يحلقون أوساط رؤوسهم ويحنّون مذاكيرهم). وقال عبد العزيز بن يحيى : (قد انقرضوا فلا عين ولا أثر).
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) أي على التحقيق وعقد التصديق ؛ وهم الذين آمنوا بعيسى ثم لم يتهوّدوا ولم يتنصّروا ولم يتصابأوا ؛ وانتظروا خروج محمّد صلىاللهعليهوسلم قبل مبعثه. وقيل : هم طلاب الدّين ؛ منهم حبيب النجار ؛ وقسّ بن ساعدة ؛ وورقة بن نوفل ؛ وزيد بن عمرو بن نفيل ؛ وأبو ذرّ الغفاريّ ؛ وسلمان الفارسي ؛ وبحيرا الراهب ، آمنوا بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم قبل مبعثه ؛ فمنهم من أدركه وتابعه ومنهم من لم يدركه. وقيل : هم مؤمنو الأمم الماضية. وقيل : هم المؤمنون من هذه الأمّة.
__________________
(١) الأعراف / ١٥٦.