وكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم يكتب في أوائل الكتب في أوّل الإسلام : [بسمك اللهمّ] حتى نزل (بِسْمِ اللهِ مَجْراها)(١) فكتب [بسم الله]. ثم نزل : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ)(٢) فكتب : [بسم الله الرّحمن]. فنزل : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)(٣) في سورة النّمل ؛ فكتب حينئذ : [بسم الله الرحمن الرحيم] (٤).
فإن قيل : لم قدّم اسم الله على الرّحمن؟ قيل : لأنه اسم لا ينبغي إلا لله عزوجل. وقيل في تفسير قوله تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)(٥) أي هل تعرف في السهل والجبل والبرّ والبحر والمشرق والمغرب أحدا اسمه الله غير الله؟ وقيل : هو اسمه الأعظم. وقدّم الرّحمن على الرّحيم ؛ لأن الرحمن اسم خصّ به الله ؛ والرحيم مشترك ؛ يقال : رجل رحيم ، ولا يقال : رجل رحمن. وقيل : الرّحمن أمدح ؛ والرحيم أرأف.
__________________
ـ يقال : أحدهما ألطف من الآخر». ثم أسند البيهقي قال : «سمعت أبا القاسم الحسن بن محمّد المفسر يحكي عن الحسين بن الفضل البجلي أنه قال : (وهذا وهم من الراوي ؛ لأن الرقة ليست من صفات الله تعالى في شيء ، وإنما هما اسمان رفيقان أحدهما أرفق من الآخر ، والرفق من صفات الله تعالى) عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم قالت : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لي : [يا عائشة إنّ الله رفيق يحبّ الرّفق ، ويعطي على الرّفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على ما سواه]». ينظر الجامع لأحكام القرآن : ج ١ ص ١٠٦ ، والأسماء والصفات : ص ٥١ ـ ٥٢. والحديث رواه مسلم في الصحيح : كتاب البر والصلة : باب فضل الرفق : الرقم (٧٧ / ٢٥٩٣).
والحسين بن الفضل بن عمير البجلي (١٧٨ ـ ٢٨٢ ه) كان رأسا في معاني القرآن ، أصله من الكوفة وانتقل إلى نيسابور وأقام فيها يعلم الناس (٦٥) سنة. ينظر ترجمته في لسان الميزان : ج ٢ ص ٣٠٧. والأعلام : ج ٢ ص ٢٥١.
(١) هود / ٤١.
(٢) الإسراء / ١١٠.
(٣) النمل / ٣٠.
(٤) في الدر المنثور في التفسير المأثور : ج ١ ص ٣٥٤ قال السيوطي : «وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي : وذكره. وقال : وأخرج أبو عبيد في فضائله عن الحرث العكلي قال : قال لي الشعبي : وذكره». رواه ابن أبي شيبة في المصنف : كتاب الأوائل : النص (٣٥٨٧٩).
(٥) مريم / ٦٥.