رابعا : إن أصحاب هذه الشبهة من العلمانيين يفترون الكذب على دين الإسلام ، وتاريخه. ويجترون الباطل على الشريعة الإسلامية ، ونقائها. فالعلمانيون ـ وأكثرهم ملحدون ، وإن ادعوا أنّهم مسلمون ـ حاقدون على الإسلام ، أعمت بصائرهم معالم ، وظواهر اقتدائهم الأعمى بنهج أسيادهم مفكري الكفر في المشرق الشيوعي الملحد ، أو الغرب الرأسمالي الكافر. وتتجلى شواهد ضغائنهم على الإسلام جلية واضحة في بحثهم الدءوب عن مخالفات ، وتجاوزات الحكام المسلمين مستندين إليها ، وجاعلين منها مدخلا صالحا يدخلون منه ليبثوا سمومهم ، وقاذوراتهم ، وبأن الشريعة الإسلامية غير صالحة كمنهج للحياة. وهم بذلك كما وصفهم العلامة أبو الحسن الندوي في مؤتمر : «الإسلام والمستشرقون» الذي عقد منذ سنوات في الهند : «بأنّهم أشبه شيء بمفتشي القمامة ؛ لا تقع أعينهم إلّا على القاذورات ، وأكبر همهم هو البحث عنها». وهل يعقل أن تتخذ تجاوزات بعض الحكام على الشريعة حكما قاطعا على عدم صلاحيتها؟!! والأنكى من ذلك أنّهم يتخذون من بعض المخالفات السياسية لبعض الحكام المسلمين سندا قويا للحكم على عدم صلاحية الشريعة الإسلامية للتطبيق. وهم يعلمون تمام العلم أن الشريعة الإسلامية شيء ، وتطبيقها شيء آخر. فقد يحسن تطبيقها ، وقد يسوء. ولكن هذا السوء في التطبيق لا يصلح أن يستند إليه في الحكم على عدم صلاحية هذه الشريعة ، والتي دامت وامتدت حوالي أربعة عشر قرنا. والأغرب من ذلك جرأة العلمانيين في الحكم على الأمور لا يضبطهم ضابط ، ولا يحفزهم حافز إلّا شهوة التتبع لعورات الحقائق الدينية ، والتاريخية. فكبيرهم الفيلسوف العلماني فؤاد زكريا يحكم ، وبكل جرأة ، على الشريعة الإسلامية بقوله : «التطبيق الذي دام ما يقرب من ثلاثة عشر قرنا كان في واقع الأمر نكرانا لأصول الشريعة ، وخروجا عنها». وهو يقول أيضا : «إنّ الخط البياني للحق ، والعدل ، والخير ، قد ازداد هبوطا على مر التاريخ ، وبلغ الحضيض في التجارب المعاصرة لتطبيق الشريعة». ولا عجب أن يصدر مثل هذا الافتراء من أناس أغمضوا عيونهم حتى عن