رابعا : نظرية التكليف الاجتماعي ـ ومنشأ هذه النظرية أساسه : حقّ المجتمع الإسلامي في مشاركته أموال أفراده ، وهم أعضاؤه. وحقّه عليهم أن يدعموه ، ويحموه ، ويعينوه ، وأن يخففوا من عنائه ، وأن يقلّلوا من أعبائه ، وأن يساهموا في خدماته فرضا مستحقا عليهم لا منّة أو إحسانا منهم عليه.
فالمجتمع المسلم يوفر لأفراده العيش الرغيد ، والمكسب الوافر في المادة ، والعلم ، والثقافة ، والروحانية. وأفراده يحيون فيه حياة تضامن ، وتكافل ، وتكامل. فالفرد الإنساني مدني بطبعه يألف الحياة مع بني جنسه ، وما يكسبه في مجتمعه هو بفضل الجماعة ، وماله من مالها ، وحياته من حياتها ، وبقاؤه من بقائها. ومن هنا فالفرد في المجتمع لا يتصرف بالمال مكسبا وإنفاقا إلّا ضمن مصلحة مجتمعه. فكلّ إساءة في التصرف إساءة لمال الجماعة. ومن هنا فالإسلام نظّم التصرف. فالإسلام يقرّر مبدأ الفصل بين مالية الحاكم ، ومالية الدولة.
ويقرّر الإسلام مبدأ الاستقلال المالي للزوجة عن زوجها :
قال تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) سورة النساء آية ٤.
وقال تعالى : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) سورة النساء آية ٢٠.
ويقرّر الإسلام حرمة أكل أموال اليتيم ظلما :
قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) سورة النساء آية ١٠.
ويقرّر الإسلام مبدأ التصرف بالمال ببلوغ الرشد :