السياسة المالية العامة للدولة ، ومن هنا يرون أنّه لا مانع من تصنيف الزكاة على أنّها ضريبة ، وأنها من بين الضرائب.
ومن جهتنا نؤكد أنّ التوافق بين عناصر الضريبة ، والزكاة هو شكلي فقط ، وليس توافقا حقيقيا. وبتحليل عناصر الضريبة نجد أنّها على درجة قوية من الاختلاف عن عناصر الزكاة ، بحيث يبقي هذا الاختلاف الزكاة دائما في منأى عن الضرائب كما سنرى.
أولا : الفرضية المالية للضريبة والزكاة :
تتناول الفرضية المالية للضريبة المالية النقدية فقط ، فهي لا تتناول المالية العينية. فالضريبة في الاقتصاد الرأسمالي أو الاقتصاد الاشتراكي هي نقدية ، وليست عينية. والمالية العينيّة فيهما غير مقبولة في السداد حتى ولو كانت متقوّمة : كالخمر ، والخنزير.
وممّا أدّى إلى تحقيق تعميق ، واستقرار المفهوم النقدي للضريبة في البلدان الرأسمالية والاشتراكية أمور عديدة أهمها : ارتفاع تكلفة التحصيل ، والنقل ، والتخزين ، والصيانة المالية العينيّة أي للأموال العينيّة حصائل الضرائب. وكذلك عجز هذه الحصائل عن تغطية متطلبات الإنفاق النقدي السائد حاليا ، وتعارضها مع جدية الدولة في التدخل الاقتصادي.
أمّا بالنسبة للفرضية المالية للزكاة فهي تتناول المالية النقدية ، والعينيّة على حدّ سواء. فهي أعم ، وأسمى في الفرضية ، والمعالجة سواء على نطاق التحصيل أو الإنفاق.
فالزكاة في النظام الاقتصادي الإسلامي ، وبفرضيتها النقدية والعينيّة ، تؤصل مبدأ التوسعة على الناس في التعامل والسداد ، وعلى اعتبار أنّ الاقتصاد الإسلامي أصلا هو اقتصاد عيني قبل أن يكون نقديا ؛ ومن ثمّ فالزكاة فيه عينيّة أصلا قبل أن تكون نقدية.