في خلقها بنفس مراحل خلق آدم في الرحم. من نطفة ، إلى علقة ، إلى مضغة ، إلى عظام إلى لحم.
قال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) سورة المؤمنون الآيات ١٢ ـ ١٤.
وكل نفس أيضا خلقت أطوارا ، ومرت في خلقها بمراحل خلق آدم نفسها بعد الولادة : من طور الطفل إلى طور البلوغ إلى طور الشيخوخة. مصداق قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً) سورة غافر آية ٦٧.
ب ـ والقرآن الكريم ، وهو يتكلم عن اتساق حقيقة اختلاف النفس في ألسنتها ، وصورها ، وألوانها ، فهو يصدق هذه الحقيقة. مصداق قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) سورة الروم آية ٢٢. وبذلك جعل الله حقيقة هذا الاختلاف في الخلق للنفس البشرية دلالة إعجازه ، وقدرته في الخلق تؤيدها مكتشفات العلم في كل عصر. ومنها حقيقة خلق البنان أي الأصبع حيث ثبت علميا اختلاف تركيب ، وخيوط ، ودقائق كل إصبع عن الآخر. وبذلك يتخذ العلماء منه دليلا للتعرف على صاحبه. وصدق ربنا ، وهو خير الصادقين ، إذ يقول : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) سورة القيامة آية ٤.
وهذه سنة الله في خلقه ، وآياته ، وحقائقه ، وكتبه ، ورسله ، وعلومه ، لا تجد فيها ولا تجد في أعظم كتاب أحاط بها قرآنه الكريم لا تجد فيه تناقضا ، أو اختلافا ، أو تفاوتا. وهذه سنة الله تشهد على كتاب الله بالكمال ، والسمو ، وتؤصله ليكون دستور البشرية في الهداية ، والاستقامة ، والعيش ، والحياة ذخرا لنا في حياتنا ، وآخرتنا ؛ فلا مناص