بها ، أو قام غيرنا ؛ لأنّه يستحيل أن يعبر عن معاني القرآن بألفاظ غير عربية ، وغير ألفاظه. فلا توجد هناك بين لغات العالم لغة تشبه مفرداتها وألفاظها ، وتراكيبها نظيرتها في اللغة العربية ، أو يمكن أن تعبر عن معاني ومقاصد القرآن الكريم نفسها. ولتكن الترجمة إذن ترجمة تفسير للمعاني القرآنية ، وهذه لا تسمى قرآنا. ولذلك فمهما أوتينا من حرص في ترجمة القرآن ، والتعبير عن معانيه بألفاظ ، ومفردات ، وتراكيب تأتي بها لغات أخرى ، فإننا لا نستطيع أن نحقق المراد المقصود من الترجمة ، وأن نأتي بقرآن ألفاظه ، ومفرداته ، وتراكيبه غير عربية.
ثانيا : إنّ العناية الإلهية اقتضت أن يكون هذا القرآن ، وأن يبقى عربيا لحكمة عدم إمكانية ترجمته أو لحكم أخرى لا يعلمها إلا الله. فقد تظهر لنا بعض حكم القرآن ، وقد يخفى علينا الكثير منها. حتى الذي يظهر لنا من الحكم قد لا يكون هو المقصود. وكما قال الإمام السيوطي في الإتقان : «إنّ تحت كل حرف من حروف القرآن الكريم معان لا يعلمها إلا الله تعالى».
وغني عن البيان القول : إنّ الله تعالى لم ينزل القرآن ، ولم يجعله عربيا إلّا لحكمة هو ارتضاها ، وإذا قال هو عربي ، سيظل عربيا ، وعلينا ، ولعلنا نعقل ما فيه ، ولما نزل لأجله. قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) سورة يوسف آية ٢.
وقال تعالى : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). سورة الزخرف آية ٣.
الشبهة الثالثة :
إنّ ترجمة القرآن حرفيا إلى لغة أخرى اقتضتها السّنّة النبوية. ودليلهم : قال «الشربنلالي» في كتابه : «النفحة القدسية» : «روي أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسي أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية ، فكتب