فتعلموا أني ما خلقت السموات ، والأرض وما بينهما باطلا ؛ بل جعلت النظام
في العالم ، وفي الوحي متناسبا. وهذا الكتاب سيبقى إلى آخر الزمان. ولغته ستبقى
معه إلى آخر الأجيال. إن اللغات متغيّرة ، وليس في العالم لغة تبقى غير متغيّرة
إلا التي حافظ عليها دين. وهل غير اللغة العربية حافظ عليها دين؟».
هذا ـ ولا يخفى
عليك أن ذاك الرأي الثاني في فواتح السور أبلغ في نقض الشبهة من الرأي الأول ؛
لأنه ينفي ما زعموه من أساس الاتهام ، وهو أنه ليس لهذه الفواتح معنى مفهوم ؛
ويقرر أن معانيها مفهومة على ما تبيّن في تلك الوجوه السابقة. وإذا كان بعض الناس
لا يفهم تلك المعاني ، فليس ذلك عيبا في القرآن إنما هو عيب في استعداد بعض أفراد
الإنسان. وكتاب الله خوطب به الخواصّ كما خوطب به العوامّ ، فلا بدع أن يكون فيه
ألفاظ لا يفهمها إلا الخاصّة دون العامة.
وعلى كلا هذين
الرأيين يتّضح لك أن اشتمال القرآن على هذه الألفاظ ، ليس من قبيل اشتماله على لغو
الكلام ، أو إظهار القرآن بمظهر عميق مخيف ؛ ولا يفهم منه أنها رموز للمصاحف
ألحقها مرور الزمن بالقرآن ، إلى غير ذلك من الهذيان. بل ثبوت هذه الفواتح لا يقدح
في كون القرآن من عند الله ، سواء أفادت معنى ظاهرا أم لم تفد على ما بيّناه من
حكمة الله البالغة في إيرادها. والله هو الحكيم العليم.
معاني حروف التهجي :
ذهب العلماء
مذاهب شتى في تفسيراتهم لفواتح السور القرآنية من حروف التهجي دون أن يصل أحد منهم
إلى معنى يقيني مانع لما ترمز إليه تلك الحروف.
ومن تفسيرات
العلماء :
١ ـ إنّها سر
من أسرار القرآن ـ اختصها الله بعلمه ، وهي من متشابه