مقدمة
في علم التفسير
هو علم يعرف به
نزول الآيات ، وشؤونها وأقاصيصها ، والأسباب النازلة فيها ، ثم ترتيب مكيّها
ومدنيها ، ومحكمها ومتشابهها ، وناسخها ومنسوخها ، وخاصها وعامها ، ومطلقها
ومقيّدها ، ومجملها ومفسرها ، وحلالها وحرامها وعدها ووعيدها ، وأمرها ونهيها ،
وأمثالها وغيرها.
وقال أبو حيان
: التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها ، وأحكامها
الإفرادية والتركيبية ، ومعانيها التي يحمل عليها حالة التركيب ، وتتمات ذلك.
قال : فقولنا :
علم جنس ، وقولنا : يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن هو علم القراءة. وقولنا
: ومدلولاتها أي مدلولات تلك الألفاظ ، وهذا متن علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا
العلم. وقولنا : وأحكامها الإفرادية والتركيبية ، يشتمل علم الصرف والنحو ،
والبيان والبديع.
وقولنا :
ومعانيها التي يحمل عليها حالة التركيب ، يشتمل ما دلالته بالحقيقة ، وما دلالته بالمجاز.
فإن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئا ، ويصد عن الحمل عليه صاد فيحمل على غيره وهو
المجاز. وقولنا : وتتمات ذلك هو مثل معرفة النسخ ، وسبب النزول ، وتوضيح ما أبهم
في القرآن ، ونحو ذلك.
وقال الزركشي :
التفسير علم يفهم به كتاب الله المنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم ، وبيان معانيه ، واستخراج أحكامه وحكمه ، واستمداد ذلك
من علم اللغة ، والنحو ، والتصريف ، وعلم البيان ، وأصول الفقه ، والقراءات.
ويحتاج إلى معرفة أسباب النزول ، والناسخ والمنسوخ. كذا في الاتقان. فموضوعه
القرآن.
وأما وجه
الحاجة إليه ، فقال بعضهم : اعلم أن من المعلوم أن الله تعالى إنما خاطب خلقه بما
يفهمونه ، ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه ، وأنزل كتابه على لغتهم. وإنما احتيج
إلى التفسير ، لما سيذكر بعد تقرير قاعة ، وهي أن كل من وضع من البشر كتابا ،
فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح ، وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة :
أحدهما كمال
فضيلة المصنف ، فإنه بقوته العلمية يجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز ، فربما
عسر فهم مراده ، فقصد بالشروح ظهور تلك المعاني الدقيقة. ومن ههنا كان شرح بعض
الأئمة لتصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له.
وثانيها إغفاله
بعض متممات المسألة أو شروطها ، اعتمادا على وضوحها ، أو لأنها من علم آخر ،
فيحتاج الشارح لبيان المتروك ومراتبه.
__________________