وإن أريد به الصفة كما هو رأي أبي الحسن الأشعري انقسم انقسام الصفة عنده إلى ما هو نفس المسمى كالواحد والقديم وإلى ما هو غيره كالخالق والرازق وإلى ما ليس هو ولا غيره كالعلم والقدرة فإنهما زائدان على الذات وليسا غير الذات لأنّ المراد بالغير ما ينفك عن الذات وهما لا ينفكان.
فإن قيل : لم بدأ ببسم الله دون بالله ، أجيب : بأن التبرك والاستعانة بذكر اسمه وللفرق بين اليمين والتيمن. والله علم على الذات الواجب الوجود ، المستحق لجميع المحامد وأصله إله ، قال الرافعي : كإمام ، ثم أدخلوا عليه الألف واللام ثم حذفت الهمزة ونقلت حركتها إلى اللام فصار اللاه بلامين متحرّكين ثم سكنت الأولى وأدغمت في الثانية للتسهيل ، انتهى. والإله في الأصل يقع على كل معبود بحق أو باطل ثم غلب على المعبود بحق كما أنّ النجم اسم لكل كوكب ثم غلب على الثريا ، والحق أنه أصل بنفسه غير مأخوذ من شيء بل وضع علما ابتداء فكما أنّ ذاته لا يحيط بها شيء ولا ترجع إلى شيء فكذا اسمه تعالى ، وقيل : مأخوذ من أله إذا تحير ، إذ العقول تتحير في معرفته ، وقيل غير ذلك ، وهو عربيّ عند الأكثر وعند المحققين أنه اسم الله الأعظم وقد ذكره الله تعالى في ألفين وثلثمائة وستين موضعا واختار النوويّ تبعا لجماعة أنه الحيّ القيوم قال : ولذلك لم يذكر في القرآن إلا في ثلاثة مواضع في البقرة ، وآل عمران ، وطه.
والرحمن الرحيم صفتان مشبهتان بنيتا للمبالغة من رحم بتنزيله منزلة اللازم أو بجعله لازما ونقله إلى فعل بالضمّ. والرحمة لغة رقة في القلب تقتضي التفضل والإحسان ، فالتفضل غايتها. وأسماء الله تعالى المأخوذة من نحو ذلك إنما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادىء التي تكون انفعالات فرحمة الله تعالى إرادة إيصال الفضل والإحسان أو نفس إيصال ذلك فهي من صفات الذات على الأوّل ومن صفات الفعل على الثاني ، والرحمن أبلغ من الرحيم لأنّ زيادة البناء تدلّ على زيادة المعنى كما في قطع بالتخفيف وقطّع بالتشديد.
فإن قيل : حذر أبلغ من حاذر ، أجيب : بأنّ ذلك أكثري لا كليّ ، وبأنّ الكلام فيما إذا كان المتلاقيان في الاشتقاق متحدي النوع في المعنى كغرث وغرثان لا كحذر وحاذر للاختلاف وقدم الله عليهما لأنه اسم ذات وهما اسما صفة ، والرحمن على الرحيم لأنه خاص إذ لا يقال لغير الله بخلاف الرحيم ، والخاص مقدّم على العامّ ، وإنما قدم والقياس يقتضى الترقي من الأدنى إلى الأعلى كقولهم : عالم نحرير لأنه صار كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره ولذلك رجح جماعة أنه علم ولأنه لما دل على جلائل النعم وأصولها ذكر الرحيم كالتابع والتتمة والرديف ليتناول ما دق منها ولطف فليس من باب الترقي بل من باب التعميم والتكميل وللمحافظة على رؤوس الآي ، وهل الرحمن مصروف أو لا؟ فيه قولان : مال السعد التفتازاني إلى جواز الأمرين لأنّ شرط منع صرف فعلان صفة وجود فعلى وشرط صرفه وجود فعلانة وكلاهما منتف هنا لكن أظهرهما أنه ممنوع الصرف إلحاقا له بما هو الغالب من نظائره في الزيادة والوصف ، والثاني أنه مصروف إلحاقا له بالأصل في مطلق الاسم وهو الصرف ، هذا مع أنّ المختار في منع صرف ما ذكر انتفاء فعلانة لا وجود فعلى ، والحاصل أنه تعارض في صرفه وعدم صرفه الأصل والغالب.
فإن قيل : هذا إذا لم تدخله أل ، أجيب : بأنّ المختار أنّ غير المصروف إذا دخلت عليه أل والعلتان فيه باق على منع صرفه وإن جرّ بالكسرة.
فوائد : الأولى : الوقف على الله قبيح للفصل بين التابع والمتبوع وعلى الرحمن كذلك وقيل :