رسوله ، فإنه لا يحبكم (١). وفي ذلك إبطال دعواهم ، حيث قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)(٢) ، وقوله : (لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) تنبيه أنه ينقطع عنهم (٣) توفيقه ، وبانقطاع توفيقه عنهم يضلون ويعمهون (٤).
قوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ)(٥).
قد تقدّم الكلام في معنى الاصطفاء (٦) ، وأن ذلك منه تعالى
__________________
(١) أثبت الراغب هنا صفة المحبة لله عزوجل ، وأنه تعالى يحبّ ويحبّ ، وهذه الصفة حاول بعض المفسرين تأويلها وصرفها إلى معان أخرى ، كما فعل الزمخشري في الكشاف (١ / ٣٥٣) ، فقد قال : «محبة الله مجاز عن إرادة نفوسهم اختصاصه بالعبادة دون غيره ورغبتهم فيها ، ومحبة الله عباده أن يرضى عنهم ويحمد فعلهم» ، وهذا من تحريف الكلم عن مواضعه. فصفة المحبة لله تعالى ثابتة ، وهي غير صفة الرضى والإرادة. وانظر : جامع البيان (٦ / ٣٢٥) ، وتفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣١١) ، والبحر المحيط (٢ / ٤٤٩) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٣٣٨).
(٢) سورة المائدة ، الآية : ١٨.
(٣) في الأصل : عنه. والصواب ما أثبته ، ويدل عليه سياق الكلام.
(٤) وذلك ثابت بكتاب الله تعالى في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً* إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) [النساء : ١٦٨ ، ١٦٩]. قال ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (١ / ٥٥٨) : (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً) : أي سبيلا إلى الخير.
(٥) سورة آل عمران ، الآية : ٣٣.
(٦) وذلك عند تفسيره لقوله تعالى : (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا) [الآية : ١٣٠]