إن قيل : ما فائدة : (اغفر (لَنا ذُنُوبَنا)؟ قيل : أما على مذهب الوعيديين (١) فسؤال ما هو من حكمه أن يفعل ما هو بالمؤمنين سئل أو لم يسأل (٢) ، وقيل : هو فعل ما يقتضي الغفران والوقاية
__________________
ـ ١٨٥): «وقوله : (الَّذِينَ يَقُولُونَ) عطف بيان «لِلَّذِينَ اتَّقَوْا» ، وصفهم بالتقوى وبالتوجّه إلى الله تعالى بطلب المغفرة ... في قولهم : (فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) ، وإنما يجري كذلك إذا سعى الداعي في وسائل الإجابة وترقبها بأسبابها التي ترشد إليها التقوى ، فلا يجازى هذا الجزاء من قال ذلك بفمه ولم يعمل له».
(١) الوعيديون : هم الذين يقولون بخلود أصحاب الكبائر من الموحدين في النار ، وينكرون الشفاعة لقولهم بنفاذ وعيد الله دون استثناء. وسمّوا وعيديّة ويراد بهم الخوارج والمعتزلة على الخصوص ، على أن الخوارج يقولون بكفر أصحاب الكبائر ، أما المعتزلة فيقولون : إنهم في منزلة بين المنزلتين أي الإيمان والكفر ، وفي الآخرة يخلّدون في النار. انظر : أصول الدين للبغدادي ص (٢٤٢) ، ومنهاج السنّة لابن تيميّة (٦ / ٣٠٢) ، ومصطلحات علم الكلام الإسلامي (٢ / ١٤٥٨).
(٢) هذا القول يغضّ من شأن الدعاء ، ويؤدي إلى ترك الدعاء اعتمادا على النصوص العامة ، التي تبين مغفرة الله تعالى للمؤمنين ، ونصره لهم ، ودفاعه عنهم. وأحوال النبي صلىاللهعليهوسلم وصحابته وسلف الأمة تدفع هذا الفهم ، فقد كان نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم واثقا من نصر الله وتأييده ومغفرته له ، ومع ذلك كان يكثر من الدعاء والتضرع إلى الله عزوجل : أن ينزل عليه نصره ، ويمده بتأييده ، ويثبت قلبه.