ويتميّز كذلك عن الراغب بالتوسّع في ذكر المسائل الفقهية ، التي يوردها في حين أن الراغب كان يجملها.
ومع هذا التخصّص المذهبي لدى البغوي إلا أننا لا نلحظ أي تعصّب للمذهب عند ذكر الخلاف بين المذاهب ، بل كان في الغالب يذكر الخلاف دون ترجيح قول على قول ، إلا أنه كان يبدأ دائما بذكر مذهبه ، ثم يقول : وعند مالك كذا باختصار ، أو : وعند أبي حنيفة كذا باختصار.
فعند قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) قال البغوي : «والاستطاعة نوعان : أحدهما : أن يكون مستطيعا بنفسه. والآخر أن يكون مستطيعا بغيره.
أما الاستطاعة بنفسه ؛ أن يكون قادرا بنفسه على الذهاب ، ووجد الزاد والراحلة» ثم ساق بسنده عن محمد بن عباد بن جعفر ، قال : قعدنا إلى عبد الله بن عمر فسمعته يقول : سأل رجل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : ما الحاجّ؟ قال : «الشعث التفل» ، فقام رجل آخر ، فقال : يا رسول الله أيّ الحج أفضل؟ قال : «العجّ والثجّ» ، فقام رجل آخر ، فقال : يا رسول الله ما السبيل؟ قال : «زاد وراحلة» (٢).
وتفصيله أن يجد راحلة تصلح لمثله ، ووجد الزاد للذهاب
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٩٧.
(٢) أخرجه الترمذي رقم (٢٩٩٨) كتاب التفسير (سورة آل عمران). وابن ماجه رقم (٢٨٩٦) كتاب المناسك ، والدارقطني (٢ / ٢١٧) كتاب الحج. والبغوي في شرح السنة (٧ / ١٤). وقال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه من حديث ابن عمر إلا من حديث إبراهيم ابن يزيد الخوزي المكي ، وقد تكلم بعض أهل الحديث في إبراهيم بن يزيد من قبل حفظه». وقال ابن حجر في تلخيص الحبير (٢ / ٢٢١) : طرقه كلها ضعيفة.