السّنّة ، وقيامه بالرد عليها ، مبينا فسادها ، وقد نالت المعتزلة النصيب الأوفر من ذكر أقوالهم والردّ عليهم ، وهناك بعض الردود القليلة على الشيعة والملاحدة ، وسوف أورد بعض الأمثلة التي تبين عناية الراغب بهذا الجانب :
١ ـ عند قوله تعالى : (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً)(١) قال الراغب : وقال الجبّائي : يجوز أن كان رزقا يأتيها به غير زكريا حيث لا يعلمه» ورد عليه بقوله : «ولو كان الأمر على ما ذكر ، لما أعاد الله ذكره تعجبا من أمرها. وقوله : (مِنْ عِنْدِ اللهِ) يدل على أنه ليس كما ذكر» (٢).
٢ ـ وعند قوله تعالى : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ)(٣) ردّ الراغب قول الجبائي : «إنما يجوز أن يكون أوحى إليها معجزة لزكريا ، أو توطئة لنبوة المسيح» بقوله : «وقوله هذا إيماء لمذهبهم أن المعجزات والوحي لا تصحّ إلا في أزمنة الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام ، وذلك دفع منه لكرامة الأولياء (٤).
٣ ـ وردّ الراغب قول الأصم : «سمّي عيسى كلمة ، لأنه تعالى خلق كلمة فجعل منها عيسى ، كما خلق آدم من تراب ، وسائر الناس
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٣٧.
(٢) الرسالة ص (٥٣٣ ، ٥٣٤).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ٤٢.
(٤) الرسالة ص (٥٥٤ ، ٥٥٥).