ثامنا : عنايته بالبلاغة :
اهتم الراغب بالبلاغة القرآنية ، كما اهتم بغيرها من علوم القرآن ، غير أن الراغب لم يكثر من الحديث عن أوجه البلاغة القرآنية ، بحيث تطغى على مهمته كمفسر ، فإن مهمة المفسر الأولى هي بيان المعاني القرآنية والأحكام الربانية ، وعلوم اللغة الأخرى لا بد أن تكون خادمة لهذا المقصد ، غير منفصلة عنه أو طاغية عليه ، فليس القرآن كتاب بلاغة أو إعراب ، وإنما هو كتاب هداية وإرشاد وإصلاح.
وقد ذكرت في مبحث التعليل اللغوي أنواعا من التعليلات البلاغية ، مثل : تعليل التكرار ، تعليل التقديم والتأخير ، تعليل التخصيص ، تعليل الحذف ، تعليل اختيار الألفاظ.
وسوف أذكر هنا بعض الأمثلة الأخرى ، التي تبيّن عناية الراغب ببلاغة النصّ القرآني ، وتشير إلى تطرّقه إلى بعض المصطلحات البلاغية ، وقضايا البلاغة التي تشير إلى إعجاز القرآن وحسن نظمه.
١ ـ ذكر الراغب الاعتراض كصورة من الصور البلاغية ، فقال : «فقوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ)(١) اعتراض بين بعض الجملة وبعضها تسديدا لها ، وجوابا لهم.
وكذلك قوله : (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ)(٢) جواب لهم ، والاعتراض
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٧٣.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٧٣.