تزوّج بعد ، فهذه السوره مکّیه بالاتّفاق ، فکیف یقول علیّ : نحن أهل الذِکر؟!
وهذا الذی أخرجه الثعلبی فی معنی هذه الآیه لا یصحّ ، ولیس مجرّد روایته له فی تفسیره یعتبر دلیلاً ، بل لا بُدّ من صحّه النقل.
أمّا ما أخرجه البحرینی وأشار إلیه المؤلّف دون تفصیل ، فإنّه لیس بحجّهٍ علینا.
وعلی کلّ حال ، فإنّ المقصود بأهل الذِکر هم أهل العلم کالیهود والنصاری وسائر الطوائف من الأُمم السابقه ، التی أُرسل إلیها الأنبیاء ، وسؤالهم عن حقیقه هؤلاء الأنبیاء ، هل کانوا بشراً أم ملائکه؟».
أقول :
أوّلاً : لم یکن القائل «نحن أهل الذِکر» خصوص أمیر المؤمنین علیه السلام فقط ، بل قاله غیره من أئمّه أهل البیت علیهم السلام. کما لم یکن الراوی هو الثعلبی فقط ، فقد رواه غیره من أئمّه التفسیر عند أهل السُنّه أیضاً.
روی الحاکم الحسکانی بإسناده عن یوسف بن موسی القطّان ، عن وکیع ، عن سفیان ، عن السدّی ، عن الحارث ، قال : سألت علیّاً عن هذه الآیه (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ) فقال : والله إنّا لنحن أهل الذِکر ، نحن أهل العلم ، ونحن معدن التأویل والتنزیل ، ولقد سمعت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [وآله] وسلّم یقول : «أنا مدینه العلم وعلیٌّ بابها ، فمن أراد العلم فلیأته من بابه» (١).
وقال القرطبی : «قال جابر الجعفی : لمّا نزلت هذه الآیه قال علیّ رضی اللّٰه
__________________
(١) شواهد التنزیل ١ : ٤٥٩/٣٣٤.