وعاش بعد ما ركب فى السفينة ثلاثمائة وخمسين سنة ، وبقى فى السفينة خمسة أشهر ، وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع بذراعه ، وعرضها خمسون ذراعا ، وطولها فى السماء ثلاثون ذراعا ، وكان لها ثلاثة أبواب ، بعضها أسفل من بعض ، حمل فى الباب الأسفل السباع والهوام ، وحمل فى الباب الأوسط الوحوش والبهائم ، وحمل فى الباب الأعلى بنى آدم ، وكانوا ثمانين إنسانا ، أربعون رجلا ، وأربعون امرأة ، وكان بين الرجل والنساء جسد آدم صلوات الله عليه ، وكان معه ثلاثة بنين سام ، وحام ، ويافث (١).
(تِلْكَ) هذه (مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ) من أخبار الغائب عنك (نُوحِيها إِلَيْكَ) نرسل جبريل إليك يا محمد بأخبار الأمم الماضية (ما كُنْتَ تَعْلَمُها) يعنى أخبار الأمم (أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا) القرآن (فَاصْبِرْ) يا محمد على أذاهم وتكذيبهم إياك (إِنَّ الْعاقِبَةَ) آخر الأمر بالنصرة والجنة (لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)) الكفر والشرك والفواحش (وَإِلى عادٍ) وأرسلنا إلى عاد (أَخاهُمْ) نبيهم (هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) وحدوا الله (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) غير الذى آمركم أن تؤمنوا به (إِنْ أَنْتُمْ) ما أنتم بعبادة الأوثان (إِلَّا مُفْتَرُونَ (٥٠)) كاذبون على الله لم يأمركم بعبادتها.
(يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢) قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧) وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٨) وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠))
__________________
(١) انظر : معانى القرآن للفراء (٢ / ١٦) ، وتفسير الطبرى (١٢ / ٣١) ، وتفسير ابن كثير (٢ / ٤٤٥) ، والقرطبى (٩ / ٤١) ، والنكت العيون للماوردى (٢ / ٢١٦) ، والدر المنثور (٣ / ٣٣٥) ، وزاد المسير (٤ / ١١٣) ، ومعانى الأخفش (٣٥٣) والبحر المحيط (٢ / ٢٨٨).