رهبان الشام بحيرا الراهب وأصحابه ، أبرهة وأشرف وإدريس وتميم وتمام ودريد وأيمن (ذلِكَ) المودة (بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ) متعبدين محلقة أوساط رءوسهم (وَرُهْباناً) أصحاب للصوامع مع علماءهم (وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢)) عن الإيمان بمحمد والقرآن.
(وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ) قراءة ما أنزل إلى الرسول من جعفر بن أبى طالب (تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ) تسيل (مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِ) من صفة محمد (صلىاللهعليهوسلم) ونعته فى كتابهم (يَقُولُونَ رَبَّنا) يا ربنا (آمَنَّا) بك وبكتابك وبرسولك محمدا (١)(فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)) فاجعلنا من أمة محمد (صلىاللهعليهوسلم) الذين آمنوا فلامهم قومهم بذلك ، فقالوا : (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِ) أى وبما جاءنا من الحق من الكتاب والرسول (وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا) فى الآخرة الجنة (مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤)) مع صالحى أمة محمد (صلىاللهعليهوسلم) (فَأَثابَهُمُ اللهُ) فأوجب الله لهم (بِما قالُوا) بتوحيدهم بالطلوع (جَنَّاتٍ) بساتين (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) من تحت شجرها ومساكنها (الْأَنْهارُ) أنهار الماء واللبن والخمر والعسل (خالِدِينَ فِيها) مقيمين فى الجنة لا يموتون ولا يخرجون منها (وَذلِكَ) الذى ذكرت (جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥)) الموحدين ، ويقال : المحسنين بالقول (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بالله (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) بمحمد والقرآن (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٨٦)) أهل النار.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) نزلت هذه الآية فى عشرة نفر من أصحاب النبى (صلىاللهعليهوسلم) منهم أبو بكر الصديق ، وعمر ، وعلى ، وعبد الله بن مسعود ، وعثمان بن مظعون الجمحى ، ومقداد بن الأسود الكندى ، وسالم مولى أبى حذيفة بن عتبة ، وسلمان الفارسى ، وأبو ذر ، وعمار بن ياسر ، رضوان الله عليهم ، توافقوا فى بيت عثمان بن مظعون أن لا يأكلوا ولا يشربوا ولا يأووا بيتا ، ولا يأتوا النساء ، ولا يأكلون لحما ، ولا دسما ، وأن يحبوا أنفسهم ، فنهاهم الله عن ذلك ، ونزلت فيهم هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) من الطعام والشراب والجماع (وَلا تَعْتَدُوا) أى بقطع المذاكير (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧)) من الحلال إلى الحرام فى المثلة (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً) من الطعام والشراب (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨)) فى المثلة وتحريم ما أحل الله لكم.
__________________
(١) انظر زاد المسير (٢ / ٤٢٢) ، وتفسير القرطبى (٦ / ١٠٧) ، والدر المنثور للسيوطى (٢ / ٣٢٧).