روحه إلا فتحه (١) ، أو يخاف غمه إلا سده. فقال جرير : « والله لو أتيتهم لقتلوك ـ وخوفه بعمرو ، وذي الكلاع ، وحوشب ذي ظليم (٢) ـ وقد زعموا أنك من قتلة عثمان ».
فقال الأشتر : « لو أتيته والله يا جرير لم يعيني جوابها ، ولم يثقل على محملها ، ولحملت معاوية على خطة أعجله فيها عن الفكر ». قال : فائتهم إذا. قال : الآن وقد أفسدتهم ووقع بينهم الشر؟
نصر : عمر بن سعد ، عن نمير بن وعلة ، عن عامر الشعبي قال : اجتمع جرير والأشتر عند علي فقال الأشتر : أليس قد نهيتك يا أمير المؤمنين أن تبعث جريرا ، وأخبرتك بعداوته وغشه؟ وأقبل الأشتر يشتمه ويقول : يا أخا بجيلة ، إن عثمان اشتري منك دينك بهمدان. والله ما أنت بأهل أن تمشي فوق الأرض حيا (٣). إنما أتيتهم لتتخذ عندهم يدا بمسيرك إليهم ، ثم رجعت إلينا من عندهم تهددنا بهم. وأنت والله منهم ، ولا أري سعيك إلا لهم ، ولئن أطاعني فيك أمير المؤمنين ليحبسنك وأشباهك في محبس لا تخرجون منه ، ، حتى تستبين هذه الأمور ويهلك الله الظالمين.
قال جرير : وددت والله أنك كنت مكاني بعثت ، إذا والله لم ترجع. قال : فلما سمع جرير ذلك لحق بقرقيسيا ، ولحق به أناس من قسر من قومه (٤) ، ولم يشهد صفين من قسر (٥) غير تسعة عشر ، ولكن
__________________
(١) روحه ، أي ما فيه من روح. والروح ، بالفتح : الراحة. وفي ح ( ١ : ٢٦٠ ) : « يرجو فتحه ».
(٢) ظليم ، بهيئة التصغير ، كما في القاموس. وهو حوشب بن طخمة.
(٣) ح : « بأهل أن تترك تمشى فوق الأرض ».
(٤) قسر ، بفتح القاف ، هم بنو بجيلة رهط جرير بن عبد الله البجلي. وفي الأصل : « ولحق به أناس من قيس فسر من قومه » ، صوابه في ح.
(٥) في الأصل : « قيس » والكلام يقتضي ما أثبت من ح.