هدموا ، أم أنا فرقت أم هم فرقوا (١)؟ وأما قولهم لو أنه مضى بمن أطاعه إذ عصاه من عصاه فقاتل حتى يظفر أو يهلك ، إذن كان ذلك هو الحزم فو الله ما غبى عني ذلك الرأي (٢) ، وإن كنت لسخيا بنفسي عن الدنيا (٣) ، طيب النفس بالموت. ولقد هممت بالإقدام [ على القوم (١) ] ، فنظرت إلى هذين [ قد ابتدراني ـ يعني الحسن والحسين ـ ونظرت إلى هذين (٤) ] قد استقدماني ـ [ يعني عبد الله بن جعفر ومحمد بن علي (٤) ] ـ فعلمت أن هذين إن هلكا انقطع نسل محمد من هذه الأمة ، فكرهت ذلك. وأشفقت على هذين أن يهلكا ، وقد علمت (٥) أن لولا مكاني لم يستقدما ـ يعني محمد بن علي وعبد الله بن جعفر ـ (٦) وايم الله لئن لقيتهم بعد يومي لألقينهم (٧) وليس هما معي في عسكر ولا دار.
قال : ثم مضى حتى جزنا دور بني عوف ، فإذا نحن عن أيماننا بقبور سبعة أو ثمانية ، فقال أمير المؤمنين : ما هذه القبور؟ فقال له قدامة بن عجلان الأزدي : يا أمير المؤمنين ، إن خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك ، فأوصى أن يدفن في الظهر (٨) ، وكان الناس [ إنما (٩) ] يدفنون في دورهم وأفنيتهم ، فدفن الناس إلى جنبه. فقال علي : رحم الله خبابا ، قد أسلم راغبا ، وهاجر طائعا ، وعاش مجاهدا ، وابتلى في جسده أحوالا ، ولن يضيع الله أجر
__________________
(١) في الأصل : « تفرقوا » والوجه ما أثبت من الطبري.
(٢) غبى عنه : لم يفطن له. وفي الأصل : « ما غنى عن ذلك الرأي » وفي الطبري : « غبى عن رأيي ذلك » ووجههما ما أثبت.
(٣) في الأصل : « لسخى النفس بالدنيا » صوابه من الطبري.
(٤) التكملة من الطبري.
(٥) في الأصل : « ولو علمت » صوابه من الطبري.
(٦) في الأصل : « يعني بذلك ابنيه الحسن والحسين » صوابه من الطبري.
(٧) في الأصل : « لقيتهم » وأثبت ما في الطبري.
(٨) الظهر من الأرض : ما غلظ وارتفع.
(٩) هذه من الطبري.