مقدم علي من صفين إلى الكوفة
نصر ، عن عمر ، عن عبد الرحمن بن جندب قال : لما أقبل علي من صفين أقبلنا معه ، فأخذ طريقا غير طريقنا الذي أقبلنا فيه ، فقال علي : « آئبون عائدون ، لربنا حامدون. اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في المال والأهل ». قال : ثم أخذ بنا طريق البر على شاطئ الفرات حتى انتهينا إلى هيت وأخذنا علي صندودا (١) فخرج الأنماريون بنو سعيد ابن حزيم (٢) واستقبلوا عليا فعرضوا عليه النزل فلم يقبل ، فبات بها ، ثم غدا وأقبلنا معه حتى جزنا النخيلة ورأينا بيوت الكوفة ، فإذا نحن بشيخ جالس في ظل بيت علي وجهه أثر المرض ، فأقبل إليه علي ونحن معه حتى سلم عليه وسلمنا عليه. قال : فرد ردا حسنا ظننا أن قد عرفه ، فقال له علي : مالي أرى وجهك منكفتا (٣) ، أمن مرض؟ قال : نعم. قال : فلعلك كرهته. فقال : ما أحب أنه بغيري (٤). قال : أليس احتسابا للخير (٥) فيما أصابك منه؟ قال : بلى. قال : أبشر برحمة ربك وغفران ذنبك ، من أنت يا عبد الله؟ قال : بلى. قال : أنا صالح بن سليم. قال : ممن أنت؟ قال : أما الأصل فمن سلامان بن طي ، وأما الجوار والدعوة فمن بني سليم بن منصور. قال : سبحان الله ، ما أحسن
__________________
(١) صندوداء ، ضبطت في معجم ياقوت بفتح الصاد وسكون النون وفتح الدل ، مع المد. وهي بلدة في الطريق ما بين الشام والعراق.
(٢) كذا. وفي الطبري ( ٦ : ٣٣ ) : « الأنصاريون بنو سعد بن حرام ».
(٣) الطبري : « منكفئا » وهما بمعنى ، أي متغيرا.
(٤) في الأصل : « يعترى » صوابه من الطبري.
(٥) في الأصل : « احتساب بالخير » صوابه من الطبري.