يخرج بسيفه منحنيا فيقول : معذرة إلى الله عزوجل وإليكم من هذا ، لقد هممت أن أصقله (١) ولكن حجزني عنه أني سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول كثيرا : « لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ». وأنا أقاتل به دونه. قال : فكنا نأخذه فنقومه ثم يتناوله من أيدينا فيتقحم به في عرض الصف ، فلا والله ما ليث بأشد نكاية في عدوه منه. رحمة الله عليه رحمة واسعة.
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر (٢) قال : سمعت تميم بن حذيم (٣) يقول : لما أصبحنا من ليلة الهرير نظرنا ، فإذا أشباه الرايات أمام صف أهل الشام وسط الفيلق من حيال موقف معاوية ، فلما أسفرنا إذا هي المصاحف قد ربطت على أطراف الرماح ، وهي عظام مصاحف العسكر ، وقد شدوا ثلاثة أرماح جميعا وقد ربطوا عليها مصحف المسجد الأعظم يمسكه عشرة رهط. وقال أبو جعفر وأبو الطفيل : استقبلوا عليا بمائة مصحف ، ووضعوا في كل مجنبة مائتي مصحف (٤) ، وكان جميعها خمسمائة مصحف. قال أبو جعفر : ثم قام الطفيل بن أدهم حيال علي ، وقام أبو شريح الجذامي حيال الميمنة ، وقام ورقاء بن المعمر حيال الميسرة ، ثم نادوا : يا معشر العرب ، الله الله في نسائكم وبناتكم ، فمن للروم (٥) والأتراك وأهل فارس غدا إذا فنيتم. الله الله في دينكم. هذا كتاب الله بيننا وبينكم. فقال علي : اللهم إنك تعلم أنهم ما الكتاب يريدون ، فاحكم بيننا وبينهم ، إنك أنت الحكم الحق المبين. فاختلف أصحاب علي في الرأي ، فطائفة قالت القتال ، وطائفة قالت المحاكمة
__________________
(١) إنما يريد أن يصقله ليزيل ما به من الفقار ، وهي الحفر الصغار. وفي الأصل : « أفلقه ».
(٢) جابر هذا هو جابر بن يزيد الجعفي المترجم في ص ٢٤٥.
(٣) سبقت ترجمته في ص ١٦٩.
(٤) المجنبة ، بكسر النون المشددة : ميمنة الجيش وميسرته ، وبفتحها : مقدمة الجيش.
(٥) ح : « من الروم ».