من الأنصار فعاتبهم ، منهم عقبة بن عمرو ، وأبو مسعود ، والبراء بن عازب ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وخزيمة بن ثابت ، وزيد بن أرقم ، وعمرو بن عمير (١) والحجاج بن غزية ، وكان هؤلاء يلقون في تلك الحرب ، فبعث معاوية بقوله : لتأتوا قيس بن سعد. فمشوا بأجمعهم إلى قيس ، فقالوا : إن معاوية لا يريد شتما فكف عن شتمه. فقال : إن مثلي لا يشتم ، ولكني لا أكف عن حربه حتى ألقى الله. وتحركت الخيل غدوة فظن قيس بن سعد أن فيها معاوية ، فحمل على رجل يشبهه فقنعه بالسيف فإذا غير معاوية ، وحمل الثانية [ على آخر ] يشبهه أيضا فضربه ، ثم انصرف وهو يقول :
قولوا لهذا الشاتمي معاويه |
|
إن كل ما أوعدت ريـح هاويـه |
خوفتنا أكلب قوم عاويه |
|
إلى يا بن الخاطئين الماضيـة |
ترقل إرقال العجوز الجارية (٢) |
|
في أثـر الساري ليالـى الشاتيـه (٣) |
فقال معاوية : يا أهل الشام ؛ إذا لقيتم هذا الرجل فأخبروه بمساويه. وغضب النعمان ومسلمة على معاوية فأرضاهما بعد ما هما أن ينصرفا إلى قومهما ، ولم يكن مع معاوية من الأنصار غيرهما. ثم إن معاوية سأل النعمان أن يخرج إلى قيس فيعاتبه ويسأله السلم. فخرج النعمان حتى وقف بين الصفين فقال : يا قيس ، أنا النعمان بن بشير. فقال قيس : هيه يا ابن بشير فما حاجتك؟ فقال النعمان : يا قيس ، إنه قد أنصفكم من دعاكم إلى ما رضى لنفسه ، ألستم معشر الأنصار ،
__________________
(١) عمرو بن عمير الأنصاري ، أحد الصحابة ، وقد اختلف في اسمه فقيل عمرو بن عمرو ، وقيل عامر بن عمير أيضا. وفي الأصل : « عمير بن عمر » تحريف. الإصابة ٤٤٠٤ ، ٥٩١٤.
(٢) العجوز : الكلبة. وفي الأصل : « العجوز الحاوية ».
(٣) الساري : السحاب الذي يسري ليلا. والكلاب تنبح السحاب. انظر الحيوان ( ٢ : ٧٣ ).