قال : فتقدمت عك ، ونادى سعيد بن قيس : يال همدان خدموا (١). فأخذت السيوف أرجل عك ، فنادى أبو مسروق العكي : يالعك ، بركا كبرك الكمل (٢). فبركوا تحت الجحف وشجروهم بالرماح (٣) ، وتقدم شيخ من همدان وهو يقول :
يا لبكيل لخمها وحاشد (٤) |
|
نفسي فداكم طاعنوا وجالدوا |
حتى تخر منكم القماحد (٥) |
|
وأرجل تتبعها سواعد |
بذاك أوصى جدكم والوالد |
|
إني لقاضي عصبتي ورائد |
وتقدم رجل من عك وهو يقول :
يدعون همدان وندعو عكا |
|
نفسي فداكم يال عك بكا |
إن خدم القـوم فبركا بركا |
|
لا تدخلوا نفسي (٦) عليكم شكا |
قد محك القوم فزيدوا محكا
قال : فألقى القوم الرماح وصاروا إلى السيوف ، وتجالدوا حتى أدركهم الليل ، فقالت همدان : يا معشر عك ، إنا والله لا ننصرف حتى تنصرفوا. وقالت عك مثل ذلك ، فأرسل معاوية إلى عك : « أبروا قسم القوم (٧) [ وهلموا ] ». فانصرفت عك ثم انصرفت همدان ، وقال عمرو : يا معاوية ، لقد لقيت أسد أسدا ، لم أر كاليوم قط ، لو أن معك حيا كعك ، أو مع علي
__________________
(١) انظر ما سبق ص ٢٥٧ س ١٥ وص ٣٢٩ س ١٣.
(٢) الكمل : الجمل ، في لغة عك ، وهم يقبلون الجيم كافا. انظر ما مضى ص ٢٢٨ ، ٣٢٩. وفي الأصل : « الجمل » صوابه في ح.
(٣) شجروهم : طعنوهم. وفي ح : « فشجرتهم همدان بالرماح ».
(٤) في الاشتقاق ٢٥٠ : « بنو حاشد وبنو بكيل منهم تفرقت همدان ».
(٥) القماحد : جمع قمحدوة ، وهي ما أشرف على القفا من عظم الرأس.
(٦) ح : « لا تدخلوا اليوم ».
(٧) ح ( ٢ : ٢٩٣ ) : « أن أبروا قسم إخوتكم ».