فلما كاد أن يخالطه بالرمح توارى عبد الرحمن في العجاج واستتر بأسنة أصحابه ، واختلط القوم ، ورجع عبد الرحمن إلى معاوية مقهورا ، وانكسر معاوية.
وإن أيمن بن خريم الأسدي (١) لما بلغه ملقى معاوية وأصحابه شمت ، وكان أنسك رجل من أهل الشام وأشعره ، وكان في ناحية معتزلا (٢) ، فقال في ذلك :
معاوي إن الأمر لله وحده |
|
وإنك لا تستطيع ضـرا ولا نفعا |
عبأت رجالا من قريش لمعشر |
|
يمانية لا تستطيع لهـا دفعا |
فكيف رأيت الأمر إذ جد جده |
|
لقد زادك الذي جئته جدعـا |
تعبي لقيس أو عدي بن حاتم |
|
والأشتر ، يا للناس ، أغمارك الجدعا (٣) |
تعبئ للمرقال عمرا وإنه |
|
لليث لقى مـن دون غابته ضبعا |
وإن سعيدا إذ برزت لرمحه |
|
لفارس همدان الذي يشعب الصدعـا |
ملى بضرب الدارعين بسيفـه |
|
إذا الخيل أبدت مـن سنابكها نقعا |
رجعت فلم تظفر بشيء أردتـه |
|
سوى فرس أعيت وأبت بها ظلعـا |
فدعهم فلا والله لا تستطيعهم |
|
مجاهرة فاعمل لقهرهم خدعـا (٤) |
__________________
(١) أيمن بن خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك بن العليب بن عمرو بن أسد ابن خزيمة بن مدركة الأسدي. قال المبرد في الكامل : له صحبه. وقال ابن عيد البر : أسلم يوم الفتح. وكان يسمى خليل الخلفاء ، لإعجابهم في تحديثه بفصاحته وعلمه. وكان به وضح يغيره بزعفران. انظر الإصابة ٣٩٠. وفي الأصل وح : « بن خزيم » صوابه بالراء المهملة ، كما في ترجمة ( خريم ) من الإصابة ٢٢٤٢.
(٢) ح : « وكان معتزلا للحرب من ناحية عنها ».
(٣) الأغمار : جمع غمر ، وهو من لا تجربة له. والجدع ، جمع أجدع. وفي الأصل : « الخدعا » وفي ح : « الجذعا » والوجه ما أثبت.
(٤) في الأصل : « فانظر تطيقهم خدعا » وأثبت ما في ح.