يمانيتكم بأنفسها [ أياما كثيرة ] حتى لقد استحييت لكم ، وأنتم عدتهم من قريش : وقد أردت أن يعلم الناس أنكم أهل غناء ، وقد عبأت لكل رجل منهم رجلا منكم ، فاجعلوا ذلك إلى. فقالوا : ذلك إليك. قال : فأنا أكفيكم سعيد بن قيس وقومه غدا ، وأنت يا عمرو لأعور بني زهرة المرقال ، وأنت يا بسر لقيس بن سعد ، وأنت يا عبيد الله للأشتر النخعي ، وأنت يا عبد الرحمن بن خالد لأعور طيء ـ يعني عدي بن حاتم ـ ثم ليرد كل رجل منكم عن حماة الخيل. فجعلها نوائب في خمسة أيام ، لكل رجل منهم يوم. فأصبح معاوية [ في غده ] فلم يدع فارسا إلا حشده ، ثم قصد لهمدان [ بنفسه ] وتقدم الخيل وهو يقول :
لا عيش إلا فلق قحف الهام |
|
من أرحب وشاكر وشبـام |
لن تمنع الحرمة بعـد العام |
|
بين قتيل وجريح دام |
سأملك العراق بالشآم |
|
انعى ابن عفان مدى الأيـام |
فطعن في أعراض الخيل مليا. ثم إن همدان تنادت بشعارها ، وأقحم سعيد بن قيس فرسه على معاوية واشتد القتال ، وحجز بينهم الليل ، فذكرت همدان أن معاوية فاتها ركضا. وقال سعيد بن قيس في ذلك :
يا لهف نفسي فاتني معاويه |
|
فـوق طمر كالعقـاب هاويـه |
والراقصات لا يعود ثانيـه (١) |
|
إلا على ذات خصيـل طاويـه |
إن يعد اليوم فكفى عاليه
فانصرف معاوية ولم يعمل شيئا. وإن عمرو بن العاص غدا في اليوم الثاني
__________________
(١) يقسم بالراقصات ، وهي الإبل ترقص في سيرها ، والرقص : ضرب من الخبب. انظر أيمان العرب للنجيرمي ص ٢٠ وأمالي القالي ( ٣ : ٥١ ).