طمعا في الملك (١) ، فلما لم تر شيئا أعظمت الدنيا إعظام أهل الذنوب (٢) ، وأظهرت فيها نزاهة أهل الورع (٣) ، فإن كنت ترضى الله بذلك فدع مصر وارجع إلى بيتك وهذه الحرب ليس فيها معاوية كعلي ، ابتدأها علي بالحق وانتهى فيها إلى العذر ، وبدأها معاوية بالبغي وانتهى فيها إلى السرف ، وليس أهل العراق فيها كأهل الشام ، بايع أهل العراق عليا وهو خير منهم ، وبايع معاوية أهل الشام وهم خير منه. ولست أنا وأنت فيها بسواء ، أردت الله وأردت أنت مصر. وقد عرفت الشيء الذي باعدك مني ، ولا أرى (٤) الشيء الذي قربك من معاوية. فإن ترد شرا لا نسبقك به ، وإن ترد خيرا لا تسبقنا إليه. [ والسلام ] ».
ثم دعا [ أخاه ] الفضل بن العباس فقال له : يا ابن أم ، أجب عمرا. فقال الفضل :
يا عمرو حسبك من خدع ووسواس |
|
فاذهب فليس لداء الجهل من آسى |
إلا تواتر طعن في نحوركم |
|
يشجي النفوس ويشفي نخوة الراس |
هذا الدواء الذي يشفي جماعتكم |
|
حتى تطيعوا عليا وابن عباس |
أما علي فإن الله فضله |
|
بفضل ذي شرف عال على الناس |
إن تعقلوا الحرب نعقلها مخيسة |
|
أو تبعثوها فإنا غير أنكاس |
قد كان منا ومنكم في عجاجتهـا |
|
ما لا يرد وكل عرضة البـاس |
قتلى العراق بقتلى الشام ذاهبة |
|
هذا بهذا وما بالحق من بـاس |
__________________
(١) ح ( ١ : ٢٨٨ ) : « في الدنيا ».
(٢) بدل هذه العبارة في ح : « فاعظمتها إعظام أهل الذنيا ».
(٣) النزاهة : التباعد عن السوء كالتنزه. وفي الأصل : « النزهة ». وفي ح : « ثم تزعم أنك تتنزه عنها تنزه أهل الورع ».
(٤) ح : « ولا أعرف ».