كسرنا القنـا حتى إذا ذهـب القنا |
|
صبرنا وفللنا الصفيح المجربا (١) |
فلم نر في الجمعين صادف خده |
|
ولا ثانيا من رهبة الموت منكبا (٢) |
ولم نر إلا قحـف رأس وهامة |
|
وساقـا طنونـا أو ذراعا مخضبـا (٣) |
واختلط أمرهم حتى ترك أهل الرايات مراكزهم ، وأقحم أهل الشام من آخر النهار ، وتفرق الناس عن على ، فأتى ربيعة [ ليلا فكان (٤) فيهم ، وأقبل عدي ابن حاتم يطلب عليا في موضعه الذي تركه فيه فلم يجده ، فطاف يطلبه ] ، فأصابه في مصاف ربيعة فقال : « يا أمير المؤمنين : أما إذ كنت حيا فالأمر أمم (٥) ، ما مشيت إليك إلا على قتيل ، وما أبقت هذه الوقعة لنا ولهم عميدا ، فقاتل حتى يفتح الله عليك ؛ فإن في القوم بقية بعد ». وأقبل الأشعث يلهث جزعا ، فلما رأى عليا هلل وكبر وقال : يا أمير المؤمنين خيل كخيل ، ورجال كرجال ، ولنا الفضل [ عليهم ] إلى ساعتنا هذه ، فعد إلى مقامك الذي كنت [ فيه ] ، فإن الناس إنما يظنونك حيث تركوك ». وأرسل سعيد بن قيس [ الهمداني إلى علي عليهالسلام ] : « إنا مشتغلون (٦) بأمرنا [ مع القوم ] وفينا فضل ، فإن أردت أن نمد أحدا أمددناه ».
وأقبل علي على ربيعة فقال : « أنتم درعي ورمحي » ـ [ قال : فربيعة تفخر بهذا الكلام إلى اليوم ] ـ فقال عدي بن حاتم : « يا أمير المؤمنين ، إن قوما أنست [ بهم ] وكنت فيهم في هذه الجولة ، لعظيم حقهم علينا.
__________________
(١) الصفيح ، عني به السيوف. والمجرب ، لعلها « المحرب » وهو المحدد المذرب.
(٢) صدف خده : أعرض به. وفي الأصل : « صارف حده ».
(٣) الطنون : التي أطنها الضارب ، أي أسرع قطعها فطنت. وهذا الوصف لم تذكره المعاجم. وفي الأصل : « ظنونا » ووجهه ضعيف.
(٤) في الأصل : « وكان ».
(٥) أمم ، أي قريب. وفي ح ( ٢ : ٢٨٦ ) : « أهم » تحريف.
(٦) في الأصل : « مستقبلون » وأثبت ما في ح.