يا عبد الله فأمرتني بما هو خير لي في ديني ، وأما أنت يا محمد فأمرتني بما هو خير لي في دنياي ، وأنا ناظر فيه ، فلما جنة الليل رفع صوته وأهله ينظرون (١) إليه فقال :
تطاول ليلى للهموم الطوارق |
|
وخول التي تجلو وجوه العواتق (٢) |
وإن ابن هند سائلي أن أزوره |
|
وتلك التي فيها بنات البوائق (٣) |
أتاه جرير من على بخطة |
|
أمرت عليه العيش ذات مضائق |
فإن نال مني ما يؤمل رده |
|
وإن لم ينله ذل ذل المطابق (٤) |
فوالله ما أدري وما كنت هكذا |
|
أكون ، ومهما قادني فهو سابقي (٥) |
أخادعه إن الخداع دنية |
|
أم اعطيه من نفسي نصيحة وامق |
أو اقعد في بيتي وفي ذاك راحة |
|
لشيخ يخاف الموت في كل شارق |
وقد قال عبد الله قولا تعلقت |
|
به النفس إن لم يعتلقني عوائقي (٦) |
وخالفه فيه أخوه محمد |
|
وإني لصلب العود عند الحقائق (٧) |
فقال عبد الله : ترحل الشيخ (٨). قال : ودعا عمرو غلاما له يقال له وردان ، وكان داهيا ماردا ، فقال : ارحل يا وردان. ثم قال : حط يا وردان
__________________
(١) ح : « وأهله يسمعون ».
(٢) خول : ترخيم خولة لغير نداء ، وهي من أعلامهن. والعانق : الشابة أول ما تدرك.
(٣) البوائق : الدواهي ، جمع بائقة. ح : « سألني أن أزوره ».
(٤) المطابق من المطابقة ، وهي المشى في القيد.
(٥) ح : « فهو سابقي ».
(٦) ح : « تقتطعني عوائقي ».
(٧) الحقيقة : ما يحق على المرء أن يحميه.
(٨) ترحل : ارتحل. أراد أنه استعد للرحيل إلي الدار الآخرة. ح : « رحل الشيخ ».