فحدثني محمد بن عبيد الله عن الجرجاني قال : لما جن معاوية الليل واغتم وعنده أهل بيته ، قال :
تطاول ليلى واعترتني وساوسي |
|
لات أتى بالترهات البسابس (١) |
أتانا جرير والحوادث جمة |
|
بتلك التي فيها اجتداع المعاطس (٢) |
أكابده والسيف بيني وبينه |
|
ولست لأثواب الدني بلابس (٣) |
إن الشام أعطت طاعة يمنية |
|
تواصفها أشياخها في المجالس |
فإن يجمعوا أصدم عليا بجبهة (٤) |
|
تفت عليه كل رطب ويابس |
وإني لأرجو خير ما نال نائل |
|
وما أنا من ملك العراق بآيس |
وإلا يكونوا عند ظني بنصرهم |
|
وإن يخلفوا ظني كف عابس (٥) |
نصر ، قال : حدثني محمد بن عبيد الله ، عن الجرجاني قال : واستحثه جرير بالبيعة ، فقال : يا جرير ، إنها ليست بخلسة ، وإنه أمر له ما بعده ، فأبلعني ريقي حتى أنظر. ودعا ثقاته فقال له عتبة بن أبي سفيان ـ وكان نظيره ـ : اجتمعن على هذا الأمر بعمرو بن العاص ، وأثمن له بدينه فإنه من قد عرفت ، وقد اعتزل أمر عثمان في حياته وهو لأمرك أشد اعتزالا إن ير فرصة (٦).
__________________
(١) الترهات البسابس : الباطل. وربما قالوا ترهات البسابس ، بالإضافة.
(٢) اجتداع المعاطس : أي قطع الأنوف ، وذاك علامة الإذلال.
(٣) أكابده : من قولهم كابد الأمر مكابدة وكبادا : قاساه. ح : « أكايده » بالمثناة التحتية. وفي اللسان : « وكل شيء تعالجه فأنت تكيده ».
(٤) قال ابن أبي الحديد : « الجبهة ههنا الخيل ». وقال ابن منظور : « الجبهة الخيل لا يفرد لها واحد ».
(٥) كذا ورد البيت في الأصل. وهو ساقط من ح.
(٦) ح : « أشد اعتزالا إلا أن يثمن له دينه ».