وانصرف عمير إلى علي وعليه سلاحه فقال : يا أمير المؤمنين ، قد كان ظني بالناس حسنا ، وقد رأيت منهم فوق ظني بهم ، قاتلوا من كل جهة ، وبلغوا من عفوهم جهد عدوهم (١) ، وهم لهم إن شاء الله.
ثم غدا يوم السبت قبيصة بن جابر الأسدي في بني أسد ، وهم حي الكوفة بعد همدان ، فقال : « يا معشر بني أسد ، أما أنا فلا أقصر دون صاحبي ، وأما أنتم فذاك إليكم » ثم تقدم برايته وهو يقول :
قد حافظت في حربها بنو أسد |
|
ما مثلها تحت العجاج من أحد |
أقرب من يمن وأنأي من نكد |
|
كأننا ركنا ثبير أو أحد (٢) |
لسنا بأوباش ولا بيض البلد (٣) |
|
لكننا المحة من ولد معد (٤) |
كنت ترانا في العجاج كالأسد |
|
ياليت روحي قد نأي عن الجسد |
فقاتل القوم ولم يكونوا على ما يريد (٥) في الجهد ، فعذلهم علي ما يجب فظفر ، ثم أتى عليا فقال : « يا أمير المؤمنين ، إن استهانة النفوس في الحرب أبقى لها (٦) ، والقتل خير لها في الآخرة ».
ثم غدا يوم الأحد عبد الله بن الطفيل العامري (٧) ـ وكان سيد بني عامر ، فغدا بجماعة هوازن وهو يقول :
__________________
(١) العفو : ما جاء في يسر لا كلفة معه.
(٢) في الأصل : « ركن ثبير » وأثبت ما في ح.
(٣) بيضة البلد ، مثل في الذلة والقلة ، وهي بيضة النعام التي يتركها.
(٤) الولد ، بالضم : جمع ولد ، كأسد وأسد. وفي الأصل : « من ولد سعد » صوابه في ح ( ١ : ٥٠٢ ). وكأنه ينظر إلى قول عبد الله بن الزبعري :
كانت قريش بيضة
فتفلقت |
|
فالمح خالصة لعبد
مناف |
(٥) في الأصل : « يزيد ».
(٦) ينظر إلى قول الحنساء :
نهين النفوس وهون
النفو |
|
س يوم الكريهة
أبقى لها |
(٧) سبقت ترجمته في ص ٣٠٩.