فما أسرع ما ترجع إليك. فعلم أنه يريد أن يستقتل ، قال : فما شئت. فأخذ الراية أبو عرفاء فقال : يا أهل هذه الراية ، إن عمل الجنة كره كله [ وثقيل ] ، وإن عمل النار خف كله [ وحبيب (١) ] ، وإن الجنة لا يدخلها إلا الصابرون ، الذين صبروا أنفسهم على فرائض الله وأمره ، وليس شيء مما افترض الله على العباد أشد من الجهاد ، هو أفضل الأعمال ثوابا. فإذا رأيتموني قد شددت فشدوا. ويحكم ، أما تشتاقون إلى الجنة ، أما تحبون أن يغفر الله لكم. فشد وشدوا معه فاقتتلوا اقتتالا شديدا ، وأخذ الحضين (٢) يقول :
شدوا إذا ما شد باللواء |
|
ذاك الرقاشي أبو عرفاء |
فقاتل أبو عرفاء حتى قتل ، [ وشدت ربيعة بعده شدة عظيمة على صفوف أهل الشام فنقضتها ]. وفي ذلك قال مجزأة بن ثور (٢) :
أضربهم ولا أرى معاويه |
|
الأبرج العين العظيم الحاويه (٣) |
هوت به في النار أم هاويه |
|
جاوره فيها كلاب عاويه |
أغوى طغاما لا هدته هادبه
قال : وقال معاوية لعمرو : أما ترى يا أبا عبد الله ما قد دفعنا فيه؟ كيف ترى أهل العراق غدا صانعين؟ إنا لبمعرض خطر عظيم. فقال له عمرو : إن أصبحت ربيعة متعطفين حول على تعطف الإبل حول فحلها لقيت منهم جلادا
__________________
(١) هذه التكملة التي أثبت من ح هي في أصلها : « وخبيث » ، والمقابلة تقتضي ما أثبت.
(٢) هو مجزأة بن ثور بن عفير بن زهير بن عمرو بن كعب بن سدوس السدوسي ، أحد الصحابة ، وكان رئيسا. انظر الإصابة ٧٧٢٤. وفي ح : « محرز بن ثور » تحريف. والرجز يروي لبديل بن ورقاء كما في مروج الذهب ( ٢ : ٢٥ ) ولعلي رضي الله عنه كما في اللسان ( ١٨ : ٢٢٩ ) ومروج الذهب. وللأخنس ، كما في الاشتقاق ١٤٨.
(٣) البرج : سعة العين. والحاوية : واحدة الحوايا ، وهي الأمعاء.