والذى أنا له وسائر القوم عبد ، يا بنى تميم ». قالوا : ألا ترى الناس قد انهزموا؟ قال لهم : أفرارا واعتذارا؟! (١) [ ثم نادى بالأحساب ، فجعل يكررها ، ف ] قالت له بنو تميم : أفتنادى بنداء الجاهلية؟! إن ذا لا يحل. قال : فالفرار ويلكم أقبح. إن لم تقاتلوا على الدين واليقين فقاتلوا على الأحساب. ثم أقبل يقاتل ويرتجز وهو يقول :
إن تميما أخلفت عنك ابن مر (٢) |
|
وقد أراهم وهم الحى الصبر |
فإن تخيموا أو تفروا لا نفر (٣)
وقال أخوه نهشل بن حرى (٤) التميمي يرثيه :
تطاول هذا الليل ما كاد ينجلى |
|
كليل التمام ما يريد انصراما |
فبت لذكرى مالك بكآبة |
|
أؤرق من بعد العشاء نياما |
أبى جزعى في مالك غير ذكره |
|
فلا تعذليني أن جزعت أماما |
سأبكى أخى ما دام صوت حمامة |
|
يؤرق (٥) من وادى البطاح حماما |
وأبعث أنواحا عليه بسحرة (٦) |
|
وتذرف عيناى الدموع سجاما |
وأدعو سراة الحى يبكون مالكا |
|
وأبعث نوحا يلتدمن قياما |
__________________
(١) في الأصل : « أفرار واعتذار » وأثبت ما في ح.
(٢) يقول : إن تميم بن مر أخلفت عنك. وهم تميم بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر. والإخلاف : التخلف ، قال الأسود بن يعفر ( اللسان ١٠ : ٤٤٣ ) :
بيض مساميح في
الشتاء وإن |
|
أخلف نجم عن نوئه
وبلوا |
(٣) خام يخيم خيما وخيمانا وخيوما وخيومة وخيمومة وخياما : نكص وجبن.
(٤) هو نهشل بن حرى بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، وهو من الشعراء المخضرمين. انظر الإصابة والخزانة ( ١ : ١٥١ ). وحرى ، بفتح الحاء وتشديد الراء المكسورة كالمنسوب إلى الحر أو الحرة. وفي الأصل : « نهشل بن مر » صوابه في ح.
(٥) ح : « تؤرق » أي الحمامة.
(٦) الأنواح : جمع نوح ، بالفتح ، للنسوة النائحات. والسحرة ، بالضم : السحر ، وقيل هو من ثلث الليل الآخر إلى طلوع الفجر. وفي الأصل : « بشجوة » صوابه في ح.