وعبد الله بن عامر (١) السفيه ، يحدث (٢) أحدهم في مجلسه بذيت وذيت ، ويأخذ مال الله ويقول : هذا لي ولا إثم علي فيه ، كأنما أعطى تراثه من أبيه ، وإنما هو مال الله أفاءه الله علينا بأسيافنا ورماحنا. قاتلوا ، عباد الله ، القوم الظالمين ، الحاكمين بغير ما أنزل الله ، ولا تأخذكم في جهادهم لومة لائم ، إنهم إن يظهروا عليكم يفسدوا دينكم ودنيا كم ، وهم من قد عرفتم وجربتم. والله ما أرادوا إلى هذا إلا شرا (٣). [ وأستغفر الله العظيم لي ولكم ] ».
فقاتلهم عبد الله بن بديل في الميمنة حتى انتهى إلى معاوية مع الذين بايعوه على الموت. فأقبلوا إلى معاوية فأمرهم أن يصمدوا لعبد الله بن بديل في الميمنة ، وبعث معاوية إلى حبيب بن مسلمة في الميسرة ، فحمل بمن كان معه على ميمنة الناس فهزمهم ، وكشف أهل العراق ميلا من قبل الميمنة ، حتى لم يبق مع ابن بديل إلا نحو مائة من القراء ، واستند بعضهم إلى بعض ، وانجفل الناس عليهم (٤) ، فأمر على سهل بن حنيف فاستقدم فيمن كان مع علي من أهل المدينة ، فاستقبلتهم جموع أهل الشام في خيل عظيمة ، فحملوا عليهم وألحقوهم بالميمنة ، وكانت الميمنة متصلة إلى موقف علي في القلب في أهل اليمن ، فلما انكشفوا انتهت الهزيمة إلى علي ؛ فانصرف علي يمشي نحو
__________________
(١) هو عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، ابن خال عثمان ابن عفان ، ولاه عثمان البصرة ثم وليها لمعاوية. وكان قد فتح خراسان في أيام عثمان ، فأحرم من نيسابور وقدم عليه ، فلامه على ما صنع وقال : « غررت بنسكك ». الإصابة ٦١٧٥ والمعارف ١٣٩ ـ ١٤٠.
(٢) في الأصل : « الذي يحدث » وكلمة : « الذي » مقحمة.
(٣) ح ( ١ : ٤٨٥ ) : « ما أرادوا باجتماعهم عليكم إلا شرا ».
(٤) انجفلوا عليهم : ذهبوا مسرعين نحوهم. وفي الحديث : « لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قبله » ، أي ذهبوا مسرعين نحوه. وفي الأصل : « انحفل » صوابه بالجيم.