إني أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كلمة النجاة في الحياة ، وعند الوفاة ، وفيها الخلاص ، يوم القصاص. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى ، وإمام الهدى ، صلى الله عليه وسلم كثيرا. ثم قد كان مما قضى الله (١) أن جمعنا وأهل ديننا في هذه الرقعة من الأرض ، والله يعلم أني كنت لذلك كارها ، ولكنهم لم يبلعونا ريقنا ، ولم يتركونا نرتاد لأنفسنا ، وننظر لمعادنا حتى نزلوا بين أظهرنا ، وفي حريمنا وبيضتنا. وقد علمنا أن في القوم أحلاما وطغاما ، فلسنا نأمن طغامهم على ذرارينا ونسائنا. وقد كنا نحب ألا نقاتل أهل ديننا ، فأخرجونا حتى صارت الأمور إلى أن قاتلتاهم كراهية (٢) فإنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين. أما والله الذي بعث محمدا بالرسالة لوددت أني مت منذ سنة ؛ ولكن الله إذا أراد أمرا لم يستطع العباد رده. فنستعين بالله العظيم ؛ وأستغفر الله لي ولكم ». ثم انكفأ.
قال نصر : وفي حديث عمر ، عن مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب ، أن عمرو بن العاص قال يومئذ :
لا تأمننا بعدها أبا حسن (٣) |
|
إنا نمر الحرب إمرار الرسن (٤) |
لتصبحن مثلها أم لبن (٥) |
|
طاحنة تدقكم دق الحفن (٦) |
فأجابه شاعر من شعراء أهل العراق :
__________________
(١) ح : « من قضاء الله ».
(٢) في الأصل وح ( ١ : ٤٨٥ ) : « غدا حمية » والوجه ما أثبت.
(٣) في الأصل : « بعده أبا الحسن » وأثبت ما في ح. وكتب ناسخ الأصل : « ويروي : خذها إليك فاعلمن أبا حسن ».
(٤) الرسن : الحبل. وإمراره : إحكام قتله. ح : « تمر الأمر ».
(٥) اللبن : جمع لبون ، وهي ذات اللبن من الإبل. عني كثرة ما بهذه الحرب من الإبل وركبانها.
(٦) الحفن : جمع حفنة ، بالفتح ، وهي ملء الكفين من طعام ، ولا يكون إلا من شيء يابس كالدقيق ونحوه.