حتى يبدءوكم حجة أخرى لكم عليهم ، فإذا قاتلتموهم فهزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تكشفوا عورة ، ولا تمثلوا بقتيل. فإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا ولا تدخلوا دارا إلا بإذني ، ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ، ولا تهيجوا امرأة بأذى (١) ، وإن شتمن أعراضكم وتناولن أمراءكم وصلحاءكم ؛ إنهن ضعاف القوى والأنفس والعقول. ولقد كنا وإنا لنؤمر بالكف عنهن وإنهن لمشركات ، وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالهراوة أو الحديد فيعير بها عقبه من بعده.
نصر ، عن عمر بن سعد ، عن إسماعيل بن يزيد [ يعني ابن أبي خالد (٢) ] ، عن أبي صادق ، عن الحضرمي قال : سمعت عليا عليهالسلام حرض في الناس (٣) في ثلاثة مواطن : في يوم الجمل ، ويوم صفين ، ويوم النهروان ، فقال :
عباد الله ، اتقوا الله عز وجل ، وغضوا الأبصار ، واخفضوا الأصوات ، وأقلوا الكلام ، ووطنوا أنفسكم على المنازلة والمجاولة ، والمبارزة والمعانقة والمكادمة (٤) ، واثبتوا ( واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ). ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ) اللهم ألهمهم الصبر ، وأنزل عليهم النصر ، وأعظم لهم الأجر.
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن محمد بن علي ، وزيد بن حسن ،
__________________
(١) في الأصل وح ( ١ : ٣٤٦ ) : « إلا باذني » صوابه من الطبري ( ٦ : ٦ ).
(٢) إسماعيل بن أبي خالد ، أبو عبد الله ، أحد التابعين ، رأي سعيد من رأي النبي ، منهم أنس بن مالك. توفى بالكوفة سنة ١٤٦. انظر المعارف ٢١١ وتهذيب التهذيب.
(٣) في الأصل : « عرض في الناس » صوابه في ح. وفي الطبري : « يحرض الناس ».
(٤) المكادمة : مفاعلة من الكدم ، وهو العض ، والتأثير بالحديد ، وهذا هو الأقرب. وفي اللسان : « رجل مكدم : إذا لقى قتالا فأثرت فيه الجراح ». وفي الأصل : « المكارمة » بالراء ، صوابه في الطبري ( ٦ : ٦ ).